لقد نشأت دولة المدينة في يثرب تحت ظل مناخ يهودي، فحصل نوع من الصراع بين الفكر الاسلامي المشبّع بالنصرانية، وبين الرؤى والافكار اليهودية، التي ترسخت في يثرب على مدى طويل، وهذا ما دفع اليهود للتحالف مع اهل مكة الذين يرون بانّ الاسلام كان تراجعاً عن ثوابت مكة ومصالحها...
لقد نشأت دولة المدينة في يثرب تحت ظل مناخ يهودي، فحصل نوع من الصراع بين الفكر الاسلامي المشبّع بالنصرانية، وبين الرؤى والافكار اليهودية، التي ترسخت في يثرب على مدى طويل، وهذا ما دفع اليهود للتحالف مع اهل مكة الذين يرون بانّ الاسلام كان تراجعاً عن ثوابت مكة ومصالحها التجارية، وثقافتها النصرانية، فلما استقرّ الامر وفتحت مكة، صار الوقوف بوجه الاسلام امراً بالغ الخطورة، فما ان التحق النبي بالرفيق الاعلى حتى حانت الفرصة امام القبائل وبطون قريش في استغلال الصراع على السلطة للإعلان عن تمردها ، باستحضار ثقافتها القديمة لمواجهة الفكر الجديد؛ ثم جرى تتويج هذا التمرد بحروب الردة ، ثم صراعات الاخوة الاعداء ، في حرب الجمل وصفين ، ثم وقعة الطف ووقعة الحرة، وحرق مكة وضربها بالمنجنيق.
ثم ينتهي بنا المطاف والكتاب على هذه الصورة التي هي بنت شرعية للمادة التاريخية، وما لحقها من قراءات تفجرت خلال البحث والتحقيق، وهذا هو موقف الذي يعبر عن الرأي المستقل الذي لا ينحاز إلى جهة أو فرقة، بل هو التعبير الحقيقي عن تجاوز العُقد التي أفرزتها عبادة الإسلاف.