-
/ عربي / USD
في ظل تلك القرون المتتابعة لدى السنّة والشيعة الذين كانوا على السواء مصرين على أن الإسلام يجب أن يقيم دولته الدينية، ترسب في اللاوعي لدى الكثير من المفكرين أمثال سيد قطب، وعلي شريعتي على سبيل المثال - لا الحصر -، أن السياسة لا تنفك عن بنية الإسلام العقائدية، ومن ثم فإن القرآن بمصطلحاته المتنوعة قد شرعن أدلجتهم تلك، فاندفعوا عبر مشاريعهم التي أمنوا بها من الحاكمية لدى قطب إلى أدلجة المأثور الديني لدى شريعتي نحو تأسيس منطق متكامل لما اصطلحنا عليه نحن بــ (الإسلام الإيديولوجي) الذي لا يرضى إلا بفردوسهِ المفقود (الدولة الدينية) كحلٍ أمثل لإحياء التجربة النبوية في جنبتها السياسية.
ولكن تظل الجهود النقدية لإنهاء القراءة الإيديولوجية تأخذ مفاعيلها الثقافية عبر إنتاج ما اصطلحنا عليه بــ (الإسلام المعرفي)، الذي يسعى لتقديم تأطيراتها النظرية الجديدة عبر إعادة قراءة النصوص الدينية وسائر الإشتغالات الدينية التي إنحازت إلى الأدلجة أكثر من إنحيازها إلى المنطق العلمي وأدواته العقلانية التي يمتلكه الإسلام ال معرفي بطبيعة الحال، والذي أخضع الميثولوجيات الدينية، وإجترار التراث والتعبد الآلي بالنص الديني للمراجعات المتعددة، التي أسهمت في مجموعها في بيان فخ الآيديولوجيا الذي جعل من جدلية الإسلام والسياسة إحدى ضحاياه الأبرز والأشهر على أيدي إسلاميين كثيرين أدلجوا الإسلام، ظناً منهم أنهم يحيون نسخته التأسيسية الأولى (التجربة النبوية)!!؟.
إن مجموع الإشكالات آنفة الذكر، سيتم مراجعتها في ضوء منظورات فكرية متعددة، سنحاول في هذا الكتاب العمل على تقديمها ضمن دلالات وأبعاد خاصة، بحسب المنظور الذي يتم إعتماده لأجل تقديم رؤية متكاملة، أو مقاربة واسعة لكل فصل، لجدلية الإسلام والسياسة والتي وقعت في فخ الإدلجة وأنتجت لاهوتاً مزيفاً ما زالت العقول الإسلامية تنهل منه وتتغذى به، بل تنافح في سبيل وتوطيد أركانه ولو عبرَ زهق الأرواح ونهب الثروات في ظلال شعارها المستمر (الإسلام ديناً ودولةً).
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد