شطحات الدراويش: الماء والنار. [ شوهدت ذات مرة رابعة العدوية في أحد شوارع البصرة تحمل في يد شعلة من نار وفي اليد الأخرى جردل ماء، فلما سُئلت عن ذلك أجابت: أريد أن أضع الشعلة في الجنة، وأصب الماء على النار، حتى يختفي هذا الحبابان، فيستبين من يعبد الله عن حب ومن يعبده خوفاً من...
شطحات الدراويش: الماء والنار. [ شوهدت ذات مرة رابعة العدوية في أحد شوارع البصرة تحمل في يد شعلة من نار وفي اليد الأخرى جردل ماء، فلما سُئلت عن ذلك أجابت: أريد أن أضع الشعلة في الجنة، وأصب الماء على النار، حتى يختفي هذا الحبابان، فيستبين من يعبد الله عن حب ومن يعبده خوفاً من ناره أو طمعاً في جنته ]الوردة والعبادة: [ كان شيخ "الطريقة الخلوتية" في اسطنبول "سنبل افندي يريد أن يعدّ خليفة له فأرسل تلامذته ليجمعوا ورداً لتزيين "الزاوية"، فرحبوا كلهم بباقات من أجمل الورود، إلا واحداً منهم هو "مركز افندي"، فإنه أتى بوردة صغيرة ذابلة، فقيل له: ألم تجد لشيخك ما هو أليق بمقامه من هذه الوردة؟ ! فأجاب: نظرت فرأيت كل الأزهار مشغولة بتسبيح الله، فكيف أقطع عليها تسبيحها؟ إلا واحدة وجدتها قد فرغت لتوّها من عبادتها فحملتها وأتيت بها. فكان هو الذي خلف "سنبل أفندي" ..] "وجدت .. وجدت" [ سُئل ابو زيد البسطامي ذات مرة عن الزهور فأجاب: الزهد لا قيمة له، زهدت ثلاثة أيام أنهيتها في اليوم الرابع، في اليوم الأول زهدت في الدنيا، وفي اليوم الثاني زهدت في الآخرة، وفي اليوم الثالث زهدت فيما سوى الله، وفي اليوم الرابع لم يبق لي غير الله، فشعرت بشوق يخالجه شك، ثم سمعت هاتفاً ينادي: يا أبا يزيد أنت لست عندك طاقة لتتحملني وحدي. فقلت: بل هذا هو مرادي. فرد: لقد وجدت، لقد وجدت]. "معجزة" نادى ابو يزيد مرة "الله أكبر" ، فغشي عليه، فلما أفاق قال: معجزة أن ينادي إنسان الله أكبر ولا يموت!]. "كلمة" [ رأى أحد العارفين رجلاً ممن يحمل الأثقال، مكفهر الوجه، واضعاً يده على خده وقد استشاط غضباً فتساءل: ما شأن هذا الرجل؟ فأجابه أحد الحاضرين: شتمه فلان! فقال العارف: هذا الرجل يحمل الف رطل من الحجارة ويعجز عن تحمل كلمة ]. "النفس" [ سألت أحد الكبراء عن معنى هذا الحديث "أعدى عدوك نفسك التي بين جنبيك"! فأجابه: السبب في ذلك هو أن كل عدد تحسن إليه يصبح لك صديقاً إلا النفس، فإنك كلما تزيد في مداراتها تشتد مخالفتها لك!]. "قطعة عشق" [ اتفق لبعض أرباب القلوب أنه حنا رأسه لحبيب المراقبة وغرق في بحر المكاشفة وحين أفاق من استغراقه قال له أحد صحابته بطريقة الإنبساط: أي تحفة جلبها لنا من ذلك البستان الذي كنت تتنزه به؟! أجاب: خطر ببالي أنني قد وصلت إلى شجرة الورد أملأ ثوبي هدية للأصحاب، ولما وصلت وجمعت الورد أسكرتني رائحته الزكية، فوقع ذيل ثوبي من يدي!]. "مر السحاب" [ عاتب صوفيّ متحمس الجنيد، الصوفي المشهور على جلوسه بهدوء فيما كان الصوفية يقومون بحركاتهم الراقصة الدائرية، فقال الجنيد: [ وترى الجبال تحسب جامدة وهي تمر مرّ السحاب ] [ .... ] هذا بعض ما ضمه هذا الكتاب من شطحات الدراويش، أو قل أنها غيض من فيض أهل الله من عرفان وعلم وحكم. والدراويش هم زهاد بعض الطرق الصوفية والمتقشفين عن إقتناع وإيمان والدروشة في الصوفية هي أول درجات الترقي في التطور الروحي. والدراويش الصوفيون هم زهاد اتخذوا باب التسول للتدرب على البساطة والتواضع والإبتعاد عن التملك المادي. ومنه شروط نجاحهم أن لا يتسولوا لأنفسهم أو لأغراض ذاتية، وعليهم التبرع بكل ما يحصّلونه إلى فقراء آخرين، ومنهم من يعملون بمهن محددة.؟ فالدراويش القادرية هم صيادو أسماك في مصر. وأما أصولهم، فإن من الطرق الصوفية التي اعتمدت الدروشة القادرية والرفاعية والمولوية البكداشية والسنوسية، وجميعهم يُسبون إلى سلسلة من الشيوخ والقديسين والمعلمين الذين يرجعون إما إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه أو ابو بكر الصديق رضي الله عنه. والجدير بالذكر أن الرفاعيين تجاوزت مبادئهم في انتشارها بلاد شمال أفريقيا، تركيا، بلاد البلقان، فارس، الهند، أفغانستان، طاجكستان ... وكان الدراويش معروفون بحكمتهم، ومعرفتهم بالطب والشعر والذكاء.