الرومي هو محمد بن محمد بن حسين بهاء الدين البلخي البكري، جلال الدين محمد البلخي (604هــ - 672هـ = 1207م - 1273م)، عرف أيضاً بإسم مولانا جلال الدين الرومي: شاعر، عالم بفقه الحنفية والخلاف وأنواع العلوم، ثم متصوف (ترك الدنيا والتصنيف) كما يقول مؤرخو العرب، وهو عند غيرهم صاحب المثنوي...
الرومي هو محمد بن محمد بن حسين بهاء الدين البلخي البكري، جلال الدين محمد البلخي (604هــ - 672هـ = 1207م - 1273م)، عرف أيضاً بإسم مولانا جلال الدين الرومي: شاعر، عالم بفقه الحنفية والخلاف وأنواع العلوم، ثم متصوف (ترك الدنيا والتصنيف) كما يقول مؤرخو العرب، وهو عند غيرهم صاحب المثنوي المشهور بالفارسية، وصاحب الطريقة المولوية المنسوبة إلى (مولانا) جلال الدين.
ولد في بلخ في خراسان وما يعرف حالياً بأفغانستان في حين كانت بلخ تابعة لإمبراطورية الخوارزم الخرسانية، وكانت عائلته تحظى بمصاهرة البيت الحاكم في "خوارزم"، كانت أمه مؤمنة خاتون ابنة خوارزم شاه علاء الدين محمد، وكان والده بهاء الدين ولد بلقب سلطان العارفين لما له من سعة في المعرفة والعلم بالدين والقانون والتصوف.
عند قدوم المغول، هاجرت عائلته هرباً إلى نيسابور، إذ التقى الرومي هناك الشاعر الفارسي الكبير فريد الدين العطار، الذي أهداه ديوان أسرار نامه والذي أثر على الشاب وكان الدافع لغوصه في عالم الشعر والمروحانيات والصوفية، ومن نيسابور سافر مع عائلته وهناك لُقِّب بجلال الدين، ثم تابعوا الترحال إلى سوريا ومنها إلى مكة المكرمة رغبة في الحج، وبعدها واصلوا المسير إلى الأناضول واستقروا في كرامان لمدة سبع سنوات حيث توفيت والدته، وتزوج الرومي بجوهر خاتون وأنجب منها ولديه: سلطان ولد وعلاء الدين شلبي، وعند وفاة زوجته تزوج مرة أخرى وأنجب ابنه أمير العلم شلبي وابنته ملكة خاتون.
في عام 1228م توجه والده إلى قونيه واستقروا بها حيث عمل الوالد على إدارة مدرستها، تلقى جلال الدين العلم على يدي والده، ويدي الشيخ سيد برهان الدين فحقق من بعده وفاة والده لمدة 9 سنوات ينتهل علوم الدين والتصوف منه، وفي عام 1240م توفي برهان الدين فانتقل الرومي إلى مزاولة العمل العام في الموعظة والتدريس في المدرسة، وخلال هذه الفترة توجه الرومي إلى دمشق، والتقى فيها الشيخ الأكبر محيى الدين بن عربي، صاحب الفتوحات المكية، وأهداه بعض أعماله العربية، وقضى فيها أربع سنوات حيث درس مع نخبة من أعظم العقول الدينية في ذلك الوقت، بمرور السنين تطور جلال الدين في كلا الجانبين؛ جانب المعرفة وجانب العرفان.
في عام 1244م وصل إلى مدينة قونية الشاعر الفارسي شمس الدين تبريزي، باحثاً عن شخص يجد فيه خير الصحبة، وقد وجد في الرومي ضالته، ولم يفترق الصاحبان منذ لقائهما حتى إن تقاربهما ظل دافعاً لحسد الكثيرين على جلال الدين لإستئثاره بمحبة القطب الصوفي التبريزي.
وفي عام 1248م اغتيل التبريزي، حزن الرومي على موت التبريزي الذي أحبه حباً عميقاً خلّف وراءه أشعاراً وموسيقى ورقصات تحولت إلى ديوان سماه "ديوان شمس الدين التبريزي" أو "الديوان الكبير"، ومن مماته كان الرومي يقدم المواعظ والمحاضرات إلى مريديه ومعارفه وللمجتمع ووضع معظم أفكاره في كتب بطلب من مريديه، وتوفي في 17 ديسمبر 1273م، وحمل نعشه أشخاص من ملل خمسة إلى قبر بجانب قبر والده، وسمى أتباعه هذه الليلة بالعرس وما زالوا يحتفلون بهذه إلى الليلة إلى الآن.
وككل الصوفيين، آمن الرومي بالتوحيد مع حبه لله عزّ وجلّ، وضع الرومي أفكاره ومبادئه في كتاب سماه المثنوي الذي استعمل في حياكته خيوطاً من قصص يومية وإرشادات قرآنية وحكم من خبرته لينسج كتاباً ثميناً ممتلئاً بمعانٍ عميقة منتقاة بحذرٍ وعناية.
كان الرومي يستعمل الموسيقى والشعر والذكر كسبيل أكيد للوصول إلى الله عزّ وجلّ، فالموسيقى الروحية بالنسبة له تساعد المريد على معرفة الله تعالى والتعلق به وحده لدرجة أن المريد يغنى ثم يعود إلى الواقع بشكل مختلف؛ ومن هذا المنطلق تطورت فكرة الرقص الدائري التي وصلت إلى درجة الطقوس.
وقد شجع الرومي على الإصغاء للموسيقى فيما سماه الصوفية السماع فيما يقوم الشخص بالدورات حول نفسه، فعند المولويين الإنصات للموسيقى هي رحلة روحية تأخذ الإنسان في رحلة تصاعدية من خلال النفس والمحبة للوصول إلى الكمال، والرحلة تبدأ من الدوران التي تُكبر المحبة في الإنسان فتخفت أنانية ليجد الطريق الحق للوصول إلى الكمال، وحين يعود المريد إلى الواقع، يعود ينضج أكبر، ممتلئاً بالمحبة، ليكون خادماً لغيره من البشر دون تمييز أو مصلحة ذاتية.
بعد وفاة الرومي حول ابنه سلطان ولد تعاليم أبيه إلى سلوك للمريد، والذي عُرف بالطريقة المولوية، وانتشرت هذه الطريقة في مختلف أصقاع العالم الإسلامي، ولقيت صدىً واسعاً في العالم العربي الغربي في العصر الحديث.
ترك أعمالاً ومؤلفات التي عادةً ما تصنف إلى عدة تصانيف وهي: الرباعيات، ديوان الغزل، مجلدات المثنوي الستة، المجالس السبعة ورسائل المنبر، وقد تركت أشعاره ومؤلفاته الصوفية تلك، والتي كتب أغلبها باللغة الفارسية وبعضها بالعربية، تأثيراً واسعاً في العالم الإسلامي، وخاصة على الثقافة الفارسية والعربية والأردية والبنغالية والتركية، وفي العصر الحديث ترجمت بعض أعماله إلى كثير من لغات العالم ولقيت صدىً واسعاً جداً، إذ وصف بأنه من أكثر الشعراء شعبية في الولايات المتحدة.
من هنا، تأتي أهمية هذا الكتاب الذي جاء بما ضمّه بين دفتيه من حكم وأقوال وأمثال "مولانا" جلال الدين الرومي، وكأنها ذرات تتلألأ في ضوء الشمس ببريق روعة معانيها... ومبانيها... تحمل القارئ... على أجنحة الإيمان فترقى بالنفس... وتسمو بالروح... فتنجلي البصيرة... وتصبح المرئيات شفافة نورانية... ويصبح المراد أمام المريد ليس سوى لمحة طرف لا أكثر...