العولمة الجارية، بتجاوزها الدولة الوطنية، وتخليها عنها، ساعية نحو وحدة العالم في شكل سوق، تلقي بالدولة في متحف التاريخ، مع السوق الوطني، الجماهير متروكة لنفسها، وقد شعرت بضعف الدولة، وبوادر غيابها، المتمثل في تقلص الخدمات الاجتماعية والحماية القانونية، تستجيب لنداء من...
العولمة الجارية، بتجاوزها الدولة الوطنية، وتخليها عنها، ساعية نحو وحدة العالم في شكل سوق، تلقي بالدولة في متحف التاريخ، مع السوق الوطني، الجماهير متروكة لنفسها، وقد شعرت بضعف الدولة، وبوادر غيابها، المتمثل في تقلص الخدمات الاجتماعية والحماية القانونية، تستجيب لنداء من أعماقها، باحثة عن وحدة تستبعد السياسي والاقتصادي نحو الاجتماعي. خاصة أن هذه الجماعير لا تنتظر خيراً من عولمة لا تقدم لها كهوية إلا هوية السوق أو الاستبعاد. عندما تذهب العولمة بالرباط السياسي الوطني، الذي يربط مكونات اجتماعية مختلفة، وعندما تفتح السوق الوطني ليصير جزءاً من سوق عالمي، فإنها لا تترك للناس من خيار آخر غير الرباط الاجتماعي العرقو ثقافي المسألة صارت تتعلق بلابقاء في مواجهة هوية لا إنسانية يفرضها السوق المعولم. هكذا يتوتر العالم، وتشتعل بؤر الصراع، ليس على الحدود الوطنية، هذه المرة، وإنما هي قلب الدولة وإن كان هذا ليس جديداً، إلا أن الجديد هذه المرة، أن هذه التوترات تشتعل بينما الدولة الوطنية تختنق تحت وطأة العولمة التي تفتح الحدود الوطنية، وتشل السياسي، وتضعف السلطان الوطني. الدولة الوطنية، حينئذ، ليست فقط في مواجهة توتر اجتماعي، عرقو ثقافي، وإنما أيضاً في مواجهة عاصفة العولمة، وبدون سند، العولمة تعني أن الرأسمالية لن تعد في حاجة لدولة وطنية.