كانت مهمة ج. ر. ولستيد مهمة استطلاعية واستكشافية، وذات أهداف عسكرية وسياسية في بعض مناطق الساحل الجنوبي للجزيرة العربية، وكانت الرحلة إلى عمان عام 1835م في عهد السيد سعيد بن سلطان؛ حيث انطلقت فرقاطة عسكرية تابعة لسلاح البحرية البريطانية في الهند، وكان الضابط جيمس ولستد أحد...
كانت مهمة ج. ر. ولستيد مهمة استطلاعية واستكشافية، وذات أهداف عسكرية وسياسية في بعض مناطق الساحل الجنوبي للجزيرة العربية، وكانت الرحلة إلى عمان عام 1835م في عهد السيد سعيد بن سلطان؛ حيث انطلقت فرقاطة عسكرية تابعة لسلاح البحرية البريطانية في الهند، وكان الضابط جيمس ولستد أحد أفراد طاقمها المكلفين بإجراء المسح الشامل للمنطقة، ولكنه سرعان ما استدرجته الأحوال وحب الاستطلاع إلى المزيد من الرغبة في المعرفة، والتعمق في البحث والمسح بشكل يتجاوز الساحل إلى المناطق الداخلية، ويتجاوز النواحي الطبوغرافية إلى النواحي الاجتماعية والإنسانية.
استطاع مبدئياً أن يقنع قياداته وحكومته بمواصلة البحث والتحري والإستطلاع، وبعد أن بذل جهوداً كبيرة كانت صدمته أن هذه المعلومات لم تلق إعجاب وتقدير القيادات، فعاد إلى المنطقة ليرضي رغبته بعدما فشل في إرضاء حكومته، لكن المرض يهاجمه، أو قل إنها "لعنة الصحراء العربية" التي أرادت أن تمسه ببعض العقاب جراء ما فعله جيش بلاده من حملات قمعية وإنتقامية شرسة ضد المقاومة العربية في مطلع القرن التاسع عشر الميلادي، فتصيبه الحمى بشدة تؤدي إلى الهذيان، حتى يقبل الرجل على الإنتحار بوضع مسدسه في فمه، لكن تأبى الأقدار إلا أن تمنحه فرصة رائعة، فيعيش ولستد بعدها ثلاث سنوات يعالج إصابته، ويعالج كتابه هذا حتى يسلمه لنا، ثم يسلم روحه لبارئها في شبابه الذي لم يتجاوز الثمانية والثلاثين سنة.
وبرغم أن الكتاب تمت ترجمته من قبل إلى العربية أكثر من مرة، كان آخرها الترجمة التي قدمها الرائد الكبير الدكتور / عبد العزيز عبد الغني إبراهيم، إلا أننا ما زلنا نعتقد أن جموع القراء والباحثين في حاجة ماسة إلى هذا الكتاب وإعادة ترجمته؛ لا سيما إذا اختلفت الترجمات في رؤيتها ودقتها وأمانتها في النقل عن النص الأصلي؛ سواء للمجاملة أو رفع الحرج، أو ذكر الحقائق، وعدم ذكر الإساءات، لكنها في النهاية الحرص على نقل الرأي والرأي الآخر بأمانة، وترك المجال للنقد والرد للباحثين والمتخصصين والقراء.