"مدن تئن وذكريات تغرق" أول عمل يتعامل مع موضوع جونو الذي دمر مسقط في يونيو 2007 بكتابة إبداعية شعرية ونثرية، وكيف لا يكون كذلك والكاتب شاعر معروف ومبدع صادق لا يختلف إثنان على عمق تجربته، وحقيقة حينما بدأت بقراءة السطر الأول من المسودة لم أقف إلا عند سطرها الأخير. يجعلك هذا...
"مدن تئن وذكريات تغرق" أول عمل يتعامل مع موضوع جونو الذي دمر مسقط في يونيو 2007 بكتابة إبداعية شعرية ونثرية، وكيف لا يكون كذلك والكاتب شاعر معروف ومبدع صادق لا يختلف إثنان على عمق تجربته، وحقيقة حينما بدأت بقراءة السطر الأول من المسودة لم أقف إلا عند سطرها الأخير. يجعلك هذا المنجز الإبداعي الذي يميزج فيه الشعري بالروائي والتشكيلي بالسيري بالوثائقي وجهاً لوجه مع بطش جونو وهو يعصف بالجمال والحضارة (مسقط)، لتكون حروفه المحملة بندى الألم شاهداً على تفاصيل عجائبية لهذا الحدث الكارثي، حتى لتتسائل كيف استطاع الشاعر عبد الرازق الربيعي أن يجعل من جونو عتبة دلالية تنفذ من خلالها إلى عالمه الفكري والثقافي والنفسي؟! وكيف استدرج متخيلك لتصغي إلى أنين بغداد تحت إعصار الإحتلال؟! وكيف تحرك هذا الطوفان ليعصف بالذاكرة فيهز جذوعها لتغدق على المشهد الإبداعي نصوصاً مترعة بالدهشة والجدة وعبر تقنيات فنية توصلك إلى نبض الحدث التراجيدي وتشغيل واع للخزين الأسطوري الذي تلمح من خلاله وجهاً جديداً لخمبابا الذي تماهت ملامحه مع شراسة جونو، ولجلجامش الذي تحرك على مساحة النص غير مصدق بأنه هو الذي رأى هول بحار الموت والحروب ونجا منها بإعجوبة لم يصدق بأن جونو كان أن يعصف به وإلى الأبد وعبر مفارقات طريفة اقتربت من التراجيكوميديا؟!