جرت سنة العلماء من قديم أن يستقبلوا شهاداتهم لشيوخهم ومعلميهم ، وبرغم تغيير الزمان والمكان، يبقى أثر دموع الأستاذ في نفس التلميذ كما هو. ومما يلفت إنتباه قارئ السِّيرِ الذاتية بروز مرحلة التَّعلُّم بأحداثها، ومواقفها، وتأثيرها في إتجاه الكاتب، وتأسيسها للمراحل التالية من...
جرت سنة العلماء من قديم أن يستقبلوا شهاداتهم لشيوخهم ومعلميهم ، وبرغم تغيير الزمان والمكان، يبقى أثر دموع الأستاذ في نفس التلميذ كما هو. ومما يلفت إنتباه قارئ السِّيرِ الذاتية بروز مرحلة التَّعلُّم بأحداثها، ومواقفها، وتأثيرها في إتجاه الكاتب، وتأسيسها للمراحل التالية من حياته، وبداية تكوين العلاقات الإنسانية مع المحيط الذي يتجاوز حدود الأسرة، فنجد رصداً دقيقاً لمواقف المعلمين وتصرفاتهم، وكلامهم وحركاتهم وسكناتهم، وعلاقاتهم بتلاميذهم. ونلحظ ذلك في حياة المثقفين بعامة، وفي حياة الأدباء بشكل أوضح، مما يجعلهم يفردون صفحات غير قليلة في سيرهم الذاتية لمراحل تعليمهم، ولأنها مرحلةٌ مفصلية في حياة هؤلاء الكتاب، تجمع بين جانبي الأدب والتربية، ولأن هذين الملمحين هما مجالا إهتمامي الوظيفي والمعرفي فقد جمعت بعض ما قرأت في سير ذاتية لأبرز الأدباء والمثقفين والمفكرين العرب؛ الذين كتبوا عن هذه المرحلة من حياتهم. وسنقرأ في هذه الصفحات نماذج للعلاقة بين التلاميذ ومعلميهم من خلال ما يختزنه التلاميذ في ذاكرتهم من مواقف وذكريات؛ أثَّرَتْ بشكل أو بآخر في حيواتهم، ثم استرجعوها في موهنٍ من العمر فدونوها، ثم ذهب الأستاذ والتلميذ وبقيت شهاداتهما للتاريخ.