"ستمطر الليلة أو في الغد. قالها زوجي قبل أن ينام وهو يتأمل سماءنا الملبدة بالسحب، وركود الرطوبة الخانق، والسكون الطاغي على كل شيء.. تأملت الرجل المتخذ هيئة النوم بفوديه الناصعي البياض وشعره الزاحف ببطء إلى الوراء.. لكم كبر وتغير.. وكم كبرنا.. كنت في السابق أكرق الاعتراف بهذا،...
"ستمطر الليلة أو في الغد. قالها زوجي قبل أن ينام وهو يتأمل سماءنا الملبدة بالسحب، وركود الرطوبة الخانق، والسكون الطاغي على كل شيء.. تأملت الرجل المتخذ هيئة النوم بفوديه الناصعي البياض وشعره الزاحف ببطء إلى الوراء.. لكم كبر وتغير.. وكم كبرنا.. كنت في السابق أكرق الاعتراف بهذا، لكن ما أسرع ما تمر الأيام.. منذ سنوات طوال وحتى العام الحالي كلما قدم شهر رمضان، كلما ازداد الأمان في داخلي وفي محيط عائلتي الصغيرة.. بالنسبة لي لم يكن شهر عبادة فقط، بل وهدية جميلة حملها إلي رمضان قديم.. قبل شهر وأيام انقضى رمضان السابع عشر على وجود الهدية الجميلة بيننا والتي أهدانيها في أحد أيامه.. لم نكن نر أنها هدية من الله إلا بعد حين، كانت حدثاً كبيراً وقتها، هز كياني بالكامل كما هزت أحداث الحادي عشر من سبتمبر العام الحالي أركان العالم بأسره.. بكل روحانيته التي يجمل بها أنفسنا ويهذب شهواتنا انقضى ورحل تاركاً غصة وأمنية أن يمد الله في الآجال ويكرمنا برمضان جديد.. خابرني إبراهيم منذ دقائق من بيته: أمي أيقظينا في السابعة صباحاً، سيكون الهاتف كالعادة عند رأسي. ضحكت وأنا أغلق الخط. مدافع "نابليون" بكل ثقلها لن يستطيع دويها أن يوقظ إبراهيم، فما الحال والأداة رنين هاتف مسكين! غداً أولى أيام دوامه الرسمي في العمل، بعد شهر عسل غابه عنا فيه، بدا لي جداً طويل..".