"تعجبها سويسرا، ويعجبها هذا التنوع الجميل في كل ما هو سويسري. الطرقات، الأحياء، البلدات الصغيرة والمدن، الجبال والمراعي والمزارع والغابات، لا تجد فيها ما يشابه بعضه بعضاً.. المطاعم، الملاهي، المتاجر الكبيرة والحوانيت.. كلها ذات تنوع وكأنها تنافس فيما بينها لتأتي بكل جديد....
"تعجبها سويسرا، ويعجبها هذا التنوع الجميل في كل ما هو سويسري. الطرقات، الأحياء، البلدات الصغيرة والمدن، الجبال والمراعي والمزارع والغابات، لا تجد فيها ما يشابه بعضه بعضاً.. المطاعم، الملاهي، المتاجر الكبيرة والحوانيت.. كلها ذات تنوع وكأنها تنافس فيما بينها لتأتي بكل جديد. ومع هذا الحب الغامر، لم تفكر، ولا تظن أنها ستفكر يوماً بالاقتراب من شارع "روما" ذي الأسعار الفلكية الأرقام، كل ما في سويسرا متنوع، حتى الطقس في جنيف فيه تنوع واختلافات. ترتفع الحرارة مصحوبة بالرطوبة قبيل العصر، فيضيق صدرها بذلك. لا سيارة عندها، ولا ترى حاجة لامتلاك واحدة. لكنها لا تجد صعوبة في إقناع إحدى الزميلات أو الزملاء بالصعود إلى السفوح.. وبدقائق معدودة، تجد نفسها في جوّ شتوي، يغلفها الضباب، وتحاصرها قطرات المطر الباردة على زجاج السيارة أو على نافذة المقهى الجبلي.. صوت عجلات سيارة على الشارع المبلول يعقبه تكتكات المطر الساقط على مظلة المقهى، ورائحة الرطوبة الخريفية تنبعث من حولها، أمران يبعثان فيها تموجات الذكرى. مشاعر مختلطة من طفولة سعيدة حزينة، ومشاعر من صبا مرّ، أيامه في نوفاسكوشيا بين القلق والخوف من جهة، وبين اللهو والمرح من جهة ثانية، ثم انقض غير مأسوف عليه بمقابل ما تلقي في سويسرا من متع الحياة ومباهجها. هذا المقهى الجبلي فوق جنيف يعيد إليها لوحات من ماضٍ سعيد، حزين. كانت تخاصم أخاها وتزاحمه لتفوز بالجلوس إلى جانب والدها على المقعد المزدوج في صالة البوظة والمثلجات. لم تكن تدري لماذا لا تحمل هذه الصالة إلا ذكريات من الخريف الماطر. كانت دائماً هناك مع أبيها وأخيها..".تجري الأحداث متسارعة مع تلك الشقراء الطويلة القامة القادمة من نوفاسكوشيا متنقلة بين عواصم عربية وغربية، تجارب تمر بها، يعكس الروائي من خلالها جوانب شخصيته المحورية بما تحمله من رومانسية أحياناً ومن واقعية أحياناً أخرى. استرسالات واندفاعات وحوارات ومنولوجات تتداخل في عمق الحدث الروائي تضع القارئ في مناخات فلسفة سيكولوجية تشد القارئ متابعاً الرواية إلى نهاية أرادها الروائي أن تأخذ منحىً بوليسياً يكتنفه الغموض.