بمهارة فنية عالية استطاع الروائي عبدالله العبد المحسن في روايته "شحنة غاز طبيعي" أن يصنع من الأردان مادةً للكتابة فأنجز عملاً فنياً رائداً وجرئياً يحاذر كتّابٌ كُثْرٌ الإقتراب منه، مما يعني أنه ليس على الكاتب إذا امتلك الرؤية الصافية، والأدوات الفنيّة اللازمة، سوى أن...
بمهارة فنية عالية استطاع الروائي عبدالله العبد المحسن في روايته "شحنة غاز طبيعي" أن يصنع من الأردان مادةً للكتابة فأنجز عملاً فنياً رائداً وجرئياً يحاذر كتّابٌ كُثْرٌ الإقتراب منه، مما يعني أنه ليس على الكاتب إذا امتلك الرؤية الصافية، والأدوات الفنيّة اللازمة، سوى أن يتلفت حوله فيكتب ويبدع ويمتع. استمد المؤلف مادةً كتابته من أمكنةٍ وحالاتٍ لا نذكرها أمام الآخرين إلا مشفوعةً بقولنا "كرّمك الله"؛ وهي، عند غيره من الكتّاب، مادةٌ محكومٌ عليها بالبقاء حبيسةَ الأدراج في بيئةٍ تقيّم الأعمال الفنية وفقاً لمحاذيرَ ومعاييرً وقيم إجتماعيةٍ لا تمت لصدق الإبداع بصلة، وقد أثبت المؤلف بهذا العمل الروائي أن الفنانَ قادرٌ على أن يصنعَ من فوضى العالم شيئاً جميلاً. السخرية سلاح مضاد للقبح بأشكاله كافةً، ورغم نعومة هذا السلاح إلا أنه أمضى، وأكثر تأثيراً من ضجيج الوعاظِ وصخبِ الناصحين... وفي هذه الرواية الساخرة هجاءٌ للقبح بشتى مظاهره، فهي تتناول بالنقدِ، وبأسلوب أدبي مغلفٍ بالدعابة، كثيراً من المظاهر والممارسات الإجتماعية الشاذة، أملاً في تحقيق حياة أكثر نظافةً ونقاءً وجمالاً.