شارك هذا الكتاب
عازف الغيتار العجوز
(0.00)
الوصف
"انتهيت المكالمة بعدما فهمت الحكاية كاملة من كميل الذي أدركت أن نقمته بدأت تتخذ مجرى مختلفاً عن مجرى النشاط الحقوقي الذي ارتحل بي نحو جنيف ومجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة... كانت مكالمتي تنبئ أن كميلاً سيختط منذ اللحظة سبيل المعارضة المباشرة التي لا تتذرع بنشاطات حقوق...
"انتهيت المكالمة بعدما فهمت الحكاية كاملة من كميل الذي أدركت أن نقمته بدأت تتخذ مجرى مختلفاً عن مجرى النشاط الحقوقي الذي ارتحل بي نحو جنيف ومجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة... كانت مكالمتي تنبئ أن كميلاً سيختط منذ اللحظة سبيل المعارضة المباشرة التي لا تتذرع بنشاطات حقوق الإنسان الفارغة، والتي تتملق تلك المنظمات من أجل أن تثبت شيئاً بسيطاً في تقاريرها مما تتعرض له في مدن الوحوش والضباع الجائعة والصحارى التي توغل عميقاً في بحرنا... ناصر المحيشي!!!... ضحية أخرى من ضحايا الحبّ... ضحية أخرى من ضحايا الصمت العالمي الذي استطاع أن يصم نظرته عن رؤية ما يحدث في بلاد نفطها ومصالحها الإقتصادية... ما حدث كما قال كميل في المكالمة أن ناصراً كان خارجاً بكتبه الجامعية من صالة رياضية بعدما أنهى محاضراته المسائية في الكلية التقنية التي كان أحد طلابها... في شارع الرياض الذي سُمّيَ بعدما بدأت الأحداث بشارع البحرين كانت نقطة تفتيش محاذية لتلك الصالة التي يقصدها يومياً من أجل الحفاظ على هيئته الجسدية التي سقطت يوم ذاك مثخنة برصاص الشرطة... كانت تلك النقطة من النقاط التي تنصب بين الحين والآخر في الشوارع التي تخترق وسط المدينة أو جوانبها لعلّ أحداً من المطلوبين لوجه الإستبداد يسقط فريسة شهية بين أنيابها... اخترقت جسده النحيل ثلاث رصاصات لتدرع روحه بين يدي خالقها... ظلّ ناصر عدة ساعات مرمياً على قارعة الحياة، وسط تجاهل تام لرجال الشرطة الذين تركوه مهملاً ينزف روحه شيئاً فشيئاً... بعض من كان يطلّ على الحادثة من النوافذ المجاورة أوضح أن رجال الأمن وصنعوا رشاشاً بمحاذاته حيث سقط شهيداً، ومن ثم ثم تصويره بمحاذاة السلاح كي تكون الصور شاهدة إثبات أن رجال الأمن الأبرياء كانوا في حالة دفاع عن النفس، فلم يجدوا وسيلة للدفاع إلا ثلاث رصاصات غادرة جعلت ناصراً يسقط في حدائق الحبّ شهيداً جديداً سيفتح قائمة أخرى من الشهداء، كما افتتحها سعيد عيسى القصاب منذ اثنتين وثلاثين سنة، وليكون اسم أي اسماً ضمن تلك القائمة التي ضمت في صفحتها ستة وعشرين شهيداً... سقط شهيداً دون أن يعرف جرماً ارتكبه سوى أنه أحبَّ القطيف كأنها أمه التي ولدته وأرضعته واحتضنته منذ كان يشبّ في ريعان الطفولة واللهو والحب... كان عاشقاً عذرياً لهذه المدينة التي احتلتها أسراب الجراد واللعنة، وكان مهووساً بترابها وشوارعها ورائحتها وتاريخها وأحزانها وموجاتها التي كانت تتماوج على ساحل قلبه المثمن بالعشق الصوفي... حملته القطيف بين أزقتها وطرقاتها طفلاً صغيراً، وها هي تحمله بين ترابها طفلاً شهيداً سقط في ساحات إيمانها كما سقط حسن رحمان في الساحة ذاتها منذ اثنتين وثلاثين سنة...". يعيش حالة من الهذيان... فقد أضاع وطنه فمن مدينة السحر والطبيعة والشوكولا والساعات... كان عائداً نحو وطن يسحيه تجاوزاً وإعتباطاً وطنه، لكن ذاك الوطن ما زال يرفضه، كما كان في داخله يرفضه لفظاً سحرياً ودلالة إيمانية، كان رفضه يتخذ شكلاً أشدّ عنفاً وشراسة... فما معنى الوطن في هذا العالم... هل معنى ذلك أن يكون لك منزل صغير يأويك أنت وأسرتك في أي ركن من هذا العالم الشاسع الحزن؟!!!... وهل الوطن قيمة أزلية يجب الإيمان بها والولاء لقادتها الذين كانوا في حياة مواطنيهم أشبه بلعنة من القضاء والقدر؟!!!... إذاً ما مصير أولئك الذين ولدوا قبل ولادة الوطن؟!!!... هل كانوا من الجاهلية الأولى قبل أن يأتي الملوك والرؤساء ليعلنوا الوطن وذواتهم اقنومين مقدسين يشكلان إلهاً جديداً، من آمن به نجا ومن تخلف عنه غرق وهوى...
التفاصيل

 

الترقيم الدولي: 9786144044391
سنة النشر: 2013
اللغة: عربي
عدد الصفحات: 551
عدد الأجزاء: 1

 

فئات ذات صلة

التقييم والمراجعات
0.00/5
معدل التقييم
0 مراجعة/ات & 0 تقييم/ات
5
0
4
0
3
0
2
0
1
0

قيّم هذا الكتاب




هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟

مراجعات الزبائن

لا توجد أي مراجعات بعد

متوفر

يشحن في غضون 2-5 أيام عمل

المصدر:

Lebanon

الكمية:
تعرف على العروض الجديدة واحصل على المزيد من
الصفقات من خلال الانضمام إلى النشرة الإخبارية لدينا!
ابقوا متابعين