ذكر الله تعالى أهل البيت وخصهم بالتكريم ورفيع المنزلة ، ثم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسل إلى فاطمة وعليّ والحسن والحسين رضي الله عنهم فقال : أهل بيتي . كانت فاطمة الزهراء أصغر بنات رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحبهن إليه ، وكانت سيدة نساء العالمين ، وقد تحدث نبي الله صلى الله عليه وسلم قال : : إنما فاطمة بضعة مني يريبني ما رابها ويؤذيني ما آذاها " . هذا بعضٌ من رفيع مكانتها ، فهي في أعلى درجات الشرف والسموّ ، ومناقبها وفضائلها كثيرة جداً وعظيمة ، وقد خاطبها أبوها صلى الله عليه وسلم بقوله : " إن الله يرضى لرضاكِ ويغضب لغضبك " . من هنا تأتي أهمية هذا الكتاب " بيت الأحزان في مصائب سيدة النسوان " للعلاّمة الشيخ عباس القمي ، حيث توسع مؤلفه في ذكر فضل سيدة نساء العالمين فاطمة رضي الله عنها ، وجلالتها وزهدها ، وعبادتها ، وعلمها ، ومكارم أخلاقها ، والأذى الذي لحق بها بعد وفاة أبيها صلى الله عليه وسلم . ونظراً لموضوعية الكتاب وأهميته في وضع النقاط على الحروف بعد أن استعرض مواقف فاطمة الزهراء رضي الله عنها الجرئية ، ثم وضع هذا الكتاب بين يدي القراء ، حيث إجريت عليه عملية التحقيق من حيث ثبت مصادره ، ورواياته ، وموضوعاته من مظانها ، ثم دراسته بما يتفق مع أهمية وخطورة المواضيع التي تناولها ، بنظرة دقيقة ، بصيرة ، بعيداً عن التعصب الأعمى ، وكان الهدف تقديم فاطمة الزهراء بشخصيتها الإسلامية الراقية ، صاحبة الموقف الجريء في الرد على الظلم ، وقد عبرت بخطابها للقوم : " أفحكم الجاهلية تبنون ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون ؟ ! أفلا تعلمون ، أفعلى عَمَدٍ تركتم كتاب الله ونبذتموه وراء ظهوركم ، فنعم الحكم الله ، والموعد القيامة ، وعند الساعة يخسر المبطلون ، ولا ينفعكم إذ تندمون ... وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون " . والموقف هو العلاّمة الحاج الشيخ عباس بن محمد رضا بن أبي القاسم القمي ، شهرته عند الخواص والعوام بالعلم والعمل والزهد والورع والمودة لأهل بيت الوحي - عليهم أفضل الصلاة والسلام - وكثرة الحديث عنهم ، والإفتخار بالمشي في طريقهم ، والإعلان بفضائلهم ، والإخلاص في جلّ أموره وكل أعماله ، ومؤلفاته ( التي هي أعدل شاهد وأصدق ناطق ) قاضية بذلك ؛ إذ قلما يكون بيت من بيوت الشيعة الإمامية ولم يكن واحد من تآليفه القيّمة ، ولا اقل من كتابه " المفاتيح " ، الذي يتواجد في كل المشاهد المشرفة ، وذلك ذاهد صدق على ولائه للمدفونين فيها .