عبر هذه الصفحات تدخل "غريد الشيخ" امرئ القيس المليء بالأساطير والمغامرات... فالرحلة في شعره تكشف الكثير الكثير من طبائع هذا الرجل الذي عاش حياته بكل ما فيها من متعة ومغامرة ولهو وترف ورثه عن عالم الملوك المترفين، وتكشف في الجهة الأخرى ما عاناه من ألم ومشقة تحمّلها بملء إرادته محاولاً الانتقام لدم أبيه القتيل... ولكنه مات قبل أن يفي بقسمه وهكذا انتهت حياة المكل الشريد بما فيها من آلام ومواجع وما فيها من فرح وترف ومغامرة...
وتبقى الرحلة في شعره رحلة ممتعة تظهر لنا صفات هذا الشاعر النفسية ورقة شعوره وذكائه المتوقد إلى جانب افتخاره الدائم بأصله العريق ومجد آبائه وأجداده... كل هذا بحلة من المعاني المبتكرة والأسلوب السلسال السائغ الذي يتميز بجودة التشابيه والتفنن بها...
امرئ القيس سبق الشعراء جميعاً فقد وقف واستوقف وبكى واستبكى، فاتبعه الشعراء فأصبحت من بعده أسلوباً تقليدياً. فهل كان امرؤ القيس أول من وقف على الأطلال؟ وعلى مرّ الدهور يستوقفنا شعره فنقرأه باستمتاع كلي ونتعاطف مع ما عاناه شاعرنا ونبتسم لمغامراته العاطفية التي تبدو لنا وكأنها لعب من ألعاب الأطفال...
وفي هذا الكتاب جمعت المحققة جميع القصائد التي رواها الأصمعي-نسخة الأعلم، ورواية المفضل-نسخة الطوسي، أما زيادات ملحق الطوسي والسكري وابن النحاس وأبي سهل فقد ذكرتها في حواشي القصائد، وكذلك أضافت الأبيات التي وجدتها في شرح المفضليات وحماسة البحتري وشرح مقصورة ابن دريد وزهر الآداب والعقد الثمين، وأضافتها في ملحق الكتاب. هذا وقد عنيت بترتيب القصائد حسب الرويّ والعروض.