-
/ عربي / USD
البحتري هو أبو عبادة الوليد بن عبيد بن يحيى البحتري، ولد سنة 206هـ، في بلدة قريبة من حلب تدعى منبج من أب طائي وأم شيبانية. تأثر بأجواء منبج وصفاء سمائها، وعروبة أبنائها واستقامة ألسنتهم، فكان لذلك كله أثر واضح في شعره الذي جاء كسلاسل الذهب جمالاً وروعة وصفاء.
وشاء له حسن الحظ أن يتصل بأبي تمام فأخذ عنه طريقته في البديع، وبوصية منه افتتح طريق المجد الشعري حتى كان شاعر الخليفة العباسي المتوكل ونديمه.
يمم شطر بغداد، ومدح كبار رجال الدولة فيها ونال جوائزهم، ثم اتصل بالفتح بن خاقان وزير المتوكل فأعجب به وقربه إلى الخليفة، وبقي شاعر البلاط ما يقرب من اثنتي عشرة سنة يمدح وينال الجوائز الكثيرة... إلا أن الدهر قلب له ظهر المجن، فقتل ربّ نعمته المتوكل ووزيره الفتح أمام ناظريه، ففرّ من بغداد حزيناً كئيباً خائفاً مترقباً. ومدح شاعرنا خمسة خلفاء بعد المتوكل، ولكنه لم يشعر إلا الرهبة والخوف دائماً. وأخيراً عاد إلى بلده منبج، وبقي فيها حتى وافته منيته سنة 284هـ.
قال الشعر في أغراض كثيرة وإن كان أكثرها المديح الذي كان يبدؤه غالباً بالنسيب الذي كثيراً ما ارتفع إلى درجة الغزل الذي تفوح منه رائحة الحبّ الصادق لا سيما حين يتغزل بعلوة الحلبية. ومن هذه الأغراض الرثاء والهجاء والفخر والعتاب والوصف، وفي كل هذه الأغراض بلغ الذروة. يمتاز بانتقاء اللفظة ذات الجرس الموسيقي الرائع، التي تلائم المعنى، واختيار الوزن والقافية حتى لا يجاريه في هذا كله أحد من معاصريه، وحتى قيل فيه أبو تمام والمتنبي حكيمان وإنما الشاعر البحتري، وقيل فيه أيضاً: شعره سلاسل الذهب، وقيل: أراد أن يشعر فغنى.
أسلوبه في الشعر يروق سامعه وقارئه ويتمنى الشعراء لو يجارونه فيه ولكن أنى للشعراء ذلك، ولقد أوتي شاعرنا طبعاً شاعرياً وصفاء قريحة وجمال أسلوب وعربية لغة وعذوبة بداوة عليها مسحة الحضارة، وأذناً مرهفة وذوقاً سليماً.
ولك يكتف البحتري بقول الشعر بل سار على طريقة أستاذه أبي تمام في انتقاء الشعر الجيد في رأيه من شعر العرب وجمعه فكان له كتاب الحماسة، كما كان لأبي تمام كتاب الحماسة.
وبين طيات الكتاب الذي بين يدينا متن ديوان البحتري موزعاً على حروف المعجم ومذيلاً بشرح لبعض مفرداته الصعبة، كما وفيه ذكر لمناسبة كل قصيدة، وللبحر الذي تنتمي إليه.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد