-
/ عربي / USD
الفرزدق هو همام بت غالب بن صعصعة المجاشعي التميمي الدرامي، أبو فراس، الشهير الفرزدق، كان شاعراً من النبلاء من أهل البصرة، عظيم الأثر في اللغة. كان يقال: لولا شعر الفرزدق لذهب ثلث لغة العرب، ولولا شعره لذهب نصف أخبار الناس، يشبه بزهير بن أبي سلمى، وكلاهما من شعراء الطبقة الأولى. زهير في الجاهلية، والفرزدق في الإسلاميين، وهو صاحب الأخبار مع جرير والأخطل، ومهاجاته لهما أشهر من أن تذكر. كان شريفاً في قومه، عزيز الجانب، يحمي من يستجير بقبر أبيه-وكان أبوه من الأشراف الأجواد- وكذلك جده.
كان الفرزدق سيد أجواداً فاضلاً وجيهاً عند الخلفاء والأمراء، هاشمي الرأي في أيام بني أمية بمدح أحياءهم ويؤبن موتاهم ويهجو بني أمية وأمراءهم، أما حياته فكانت مصطفية بصبغة النضال السياسي والأدبي ولهذا أصطبغ شعره بهذه الصبغة نفسها فكان شعر نضال سياسي، وشعر نضال أدبي، ونزعته في سياسته نزعة قومية، ومدح الفرزدق صورة لنزعته الجاهلية وبيئته الأموية ونفسيته الخاصة، أما ميزة الهجاء عنده فهي الفخر أولاً.
فهو يجعل قصائد الهجو في جو وسيع من الفخر والتبجح، وقد يفتتحها أحياناً بالفخر، فيأتي خصمه دائماً عن كل. ولهذا قيل الفرزدق إذا هجا ارتفع يرتفع على جرير خصوصاً، وكان جرير من أحقر بيوت تميم، والفرزدق من أشرفها، فكلما أقبل الفرزدق على هجائه، تعالى عليه، ووازن بين الشرف والحقارة، وأخذ بتعداد آبائه وأجداده، مفصلاً مآثرهم في الجاهلية والإسلام، معيراً جريراً بأصله وخلّو قومه من رجال يشبهون رجال دارم ومجاشع.
وأما موضوع فخره فقومه ونفسه، وفخره بقومه أشد منه بنفسه، ولا يسعنا هنا الاسترسال في الحديث عن شعر الفرزدق، فنونه وأغراضه، موضوعاته ومعانيه، إذ لا بد للدارس من العودة إلى الديوان للوقوف على التفاصيل والإحاطة بدقائق الأمور.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد