هذا الكتاب لبنة تأسيس محورية تنضم إلى معمار الدراسة العربية التي تتناول منجز إدوارد سعيد بصفة عامة، وحصة الاستشراق، تاريخاً وخطاباً ومفهوماً وإشكا... لية، على نحو خاص. ذلك لأن وليد الشرفا، في ابتدائه من سبر أغوار المهاد الأولى التنظيرية والنقدية، التي اقترحها سعيد حول...
هذا الكتاب لبنة تأسيس محورية تنضم إلى معمار الدراسة العربية التي تتناول منجز إدوارد سعيد بصفة عامة، وحصة الاستشراق، تاريخاً وخطاباً ومفهوماً وإشكا... لية، على نحو خاص. ذلك لأن وليد الشرفا، في ابتدائه من سبر أغوار المهاد الأولى التنظيرية والنقدية، التي اقترحها سعيد حول مصائر النص ونطاقاته في كتابه (العالم، النص، الناقد)، يسهل النقلة المنهجية صوب قضايا الخطاب، ثم المعرفة والسلطة وسلسلة المفاهيم المرتطبة استطراداً، كما ستناقش في (الاستشراق) العمل الأم الذي سوف يدشن مقاربة سعيد المركزية، ويطلق فتوحاته التحليلية والتفكيكية الاختراقية التي كانت مؤسسة الاستشراق قبلها في حال، ثم صارت بعدها إلى حال أخرى كلية الاختلاف، ولأنه يسهل ولكن لا يبسط البتة، فإن الشرفا يوزع فصول كتابه على أبحاث تتناول الاستشراق ما قبل المعاصر في سعيه إلى شرقنة الشرق، وذاك المنجز الذي يتوخى المعرفة السياسية المقنعة إلى جانب قراءة منجز سعيد في ضوء النقد والنقد المضاد، ليس دون التوقف الضروري عند الاستشراق إعلامياً بما ينطوي عليه من أدلجة أو تضليل أو إعادة تمثيل.
وإذا كانت اللبنات العربية، التي تحسن قراءة سعيد، تتعاقب بالفعل، فيشمخ البنيان أعلى وترتقي معالمه أفضل، فإن القليل منها ينفرد بسمة التأصيل والتحصين وصناعة الركائز التي تضرب عميقاً نحو الباطن، على غرار ما يفعل الشرفا في هذه الانفرادة اللامعة....صبحي حديدي