يعتبر هذا العمل مؤلف رائع أنتجته واحد من أفضل المثقفين في هذا الحقل، فهو يدمج ما بين الثورة الأميريكية في العقود الثلاثة الأخيرة وما بين الأسئلة التقليدية القديمة، التي نوقشت وما زالت تناقش، حول فترة المئتي سنة الأخيرة من تاريخ الولايات المتحدة.
كما إنه يعتبر تسجيلاً رائعاً للثورة الأمريكية بالسلاح والوعي اللذين كانا السبب في ولادة الجمهورية الأمريكية. وقد بحث أبراهام لنكولن في تاريخ الثورة الأمريكية عندما سعى لتحديد أهمية الولايات المتحدة الأمريكية في التاريخ المعاصر، وكان يعلم أن الثورة الأمريكية أوجدت الحضور القانوني للولايات المتحدة، وأنتجت أيضاً جميع القيم والآمال العظيمة الحالية للشعب الأمريكي. "إن مثلنا ومطامحنا النبيلة والتزامنا نحو الحرية والدستورية والحياة الأفضل للإنسان الأمريكي العادي والمساواة" كلها كانت نتاجاً لعصر الثورة، كما رأى لنكولن أن الثورة كانت بمثابة أداة إقناع للشعب الأمريكي بأنه شعب خاص يملك مصيراً خاصاً يقود به العالم نحو الحرية، وباختصار فإن تلك الثورة ولدت كل شيء يتعلق بالوطنية والأهداف الوطنية التي احتفظ بها الأمريكية على مر السنين.
وبلا شك أن هذه القصة درامية، فهي تتعلق بحرب شنتها ثلاث عشرة مستعمرة هامشية بعيدة عن الحضارة الغربية ثلاثة آلاف ميل ضد الحكم البريطاني آنذاك (في الأراضي الأمريكية)، ليصبح نجاحها، الذي تحقق في أقل من ثلاثة عقود، سبباً في ظهور جمهورية ضخمة وممتدة وصعبة المراس، يعيش فيها أربعة ملايين مواطن.
لكن ليس بالضرورة، عند قراءة تاريخ الثورة الأمريكية (كمثل قراءة تاريخ الأمة ككل)، أن نراه على شكل قصة خطأ وصواب تفضي بنا إلى تعلم دروس أخلاقية، فالقصة معقدة ومثيرة للسخرية والتهكم في أحيان عديدة، وأمورها وأحداثها تحتاج دائماً إلى التفسير والفهم، وليس إلى التسرع بالإدانة أو المديح!
وبشكل عام، هناك ثلاثة أسئلة مهمة يحاول هذا الكتاب التاريخي القصير للثورة أن يجيب عليها، وهي: كيف غيرت هذه الثورة العظيمة اتجاهات التاريخ في تلك المنطقة؟، ما هي خصائصها وطبيعتها؟، ما هي نتائجها؟