أن تقرأ كتاباً عن ثورة 14 تموز سنة 1958 لتتعرف إلى جزء من تاريخ العراق الحديث أمر جيد، ولكن أن يكتبه أحد قادتها، فذلك يدخل المخطوط في سجل الوثائق التي لا مندوحة من الاعتماد عليها في تقويم تلك الحلقة المهمة في سلسلة الانتفاضات الوطنية والقومية في القطر العراقي... ذلك أن كاتبه، شاهد عيان في تلك الثورة، بل مسهم فعّال في مجريات أحداثها وعضو في اللجنة الوسطية لتنظيم الضباط الأحرار الثائرين الذين خططوا ونفذوا... يروي أحداثها يوماً بعد يوم فيحملك إلى ثناياها ويتوغل في أسرارها ويكشف عن خبايا تلك الصفحات الخالدة التي سطّرها الشعب العراقي وقواته المسلحة في الكفاح المتواصل ضد الطغمة الحاكمة المتعاملة مع الاستعمار للنيل من كرامة الوطن ونهب ثرواته وتبديد طاقات الأمة العربية وإعاقة تقدمها كي يتسنى له البقاء أطول مدة ممكنة فيها. أن تقرأ مثل هذا الكتاب فإنك تتلقى المعلومات الأكيدة عن حقيقة الثورة، عن ارتفاعها وتجسيدها لطموح الشعب، وعن انحرافها يوم تحوّلت عن مسارها الصحيح لتولد من جديد ثورة أخرى تعيد الأمور إلى نصابها وتؤكد على المنطلقات الرئيسية للوطن والمواطن في الإطار القومي العربي والإنساني العام.