لئن كان الشعر في العصر الجاهلي كما قال الزيات: "لسان دفاع وحامي ذمار ومسجل محامد، وفي الدولة الأموية داعية دين، ودعامة ملك، وناصر مذهب، ومؤيد فرقة، وفي الدولة العباسية نديم خليفة، وسمير أمير وأليف كأس، وصريع غانية". فلقد أعطى الشعر البدوي عن وضوح الصورة وصدق الإحساس ما لم...
لئن كان الشعر في العصر الجاهلي كما قال الزيات: "لسان دفاع وحامي ذمار ومسجل محامد، وفي الدولة الأموية داعية دين، ودعامة ملك، وناصر مذهب، ومؤيد فرقة، وفي الدولة العباسية نديم خليفة، وسمير أمير وأليف كأس، وصريع غانية". فلقد أعطى الشعر البدوي عن وضوح الصورة وصدق الإحساس ما لم يعط الشعر العربي إلا في جاهليته، حيث لم تتجاذب الشاعر أهواء الحكام ومغريات السلاطين ونوازع مذاهب وفرق المتدينين، فجاء بعيداً عن متاهات التجار والمدلسين، وقريباً كل القرب من منازع النفس الإنسانية الصافية التي تأخذها الأريحية فتطوح بها بعيداً عن منازع المنفعة وأهواء المنتفعين. إن كتاب البحث عن أعراب نجد وما يتعلق بهم لسليمان بن صالح الدخيل النجدي قد ضمّ أشتاتاً من الشعر البدوي ليمثل بصدق نوازع البدوي الذي ساح في الصحراء حرّاً لا تقيده سوى أعراف الصحراء وتقاليد المتصحرين. واتسع خياله مصوراً ومعبراً عن معان وخلجات ونوازع شتى. ولكن بصدق ووضوح وببساطة خلت من تعقيدات قبلتها الحواضر، ونأت عنها البوادي. وفي هذا الكتاب قصائد لشعراء بداة تناولوا الموضوعات الشعرية كلها من مدح ورثاء وغزل ووصف، وساروا على نهج الجاهليين في صدق العاطفة وبساطة التعبير.