يقف العلامة الدكتور مصطفى جواد (1904-1969م) علما بارزا من أعلام النهضة العربية الحديثة في ثقافتنا وحضارتنا وفكرنا وتاريخنا الإنساني .. فقد كان عاشقا طبيعيا للحقيقة، مخلصا لها، مترصدا إخلاصه فيها، هائما بها ولذاتها .. تلك الحقيقة هي حبه العميق للغة العربية لغة الحضارة والفكر...
يقف العلامة الدكتور مصطفى جواد (1904-1969م) علما بارزا من أعلام النهضة العربية الحديثة في ثقافتنا وحضارتنا وفكرنا وتاريخنا الإنساني .. فقد كان عاشقا طبيعيا للحقيقة، مخلصا لها، مترصدا إخلاصه فيها، هائما بها ولذاتها .. تلك الحقيقة هي حبه العميق للغة العربية لغة الحضارة والفكر الإنسانيين.. وتجلى هذا الحب في ثقافته الموسوعية والتخصصية .. كان موسوعة معارف: في النحو والمعجم والصرف والشعر والأدب والأخبار والسير والتاريخ والخطط والبلدان والآثار. واستمد هذه القدرة الفائقة في الدرس والبحث والإجتهاد الفردي من بيئته وأساتذته ومجالس العلماء الذين التقاهم واطلع على مكتباتهم العامرة بمصادر اللغة والأدب العربي والتاريخ الإسلامي، فضلا عن موهبيته النادرة في الإستقراء واستنباط الإحكام واستقراء الرأي. وقد ترك الدكتور مصطفى جواد آثارا علمية مختلفة في ميادين المعرفة كلها تدل على طول باعه في البحث والتتبع في الدرس النحوي واللغوي والتحقيق التاريخي والخططي والآثاري والأدبي. والكتاب الذي بين أيدينا نقدمه لقراء مصطفى جواد الموسوم بـــ (الضائع من معجم الأدباء - لياقوت الرومي الحموي: (575/627 هـ/ 1179-1229 م) واحد من مؤلفاته الخطية. يضم هذا الكتاب (46) ترجمة جديدة تضاف إلى (معجم الأدباء) الذي يعرف بــ (إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب) عثر عليها الدكتور مصطفى جواد في مطالعاته وتصفحاته بعد أن أضاف إليها أشياء أخرى للإفادة منها. وقد صرح بهذه الحقيقة المنهجية وهو يقدم (الضائع من معجم الأدباء) بقوله: " وقد فات ياقوتا ذكر فريق من الأدباء فمنهم من لم يطلع على تراجمهم، كما يدل عليه كتاب (بغية الوعاة) للسيوطي، ومنهم من لم يجدهم حريين بأن يذكروا في معجمه مع أنه نبه على أدبهم في معجم البلدان بحسب مواضع بلدانهم: فالمهملون استخمالا منه لهم أو غفلة منه عنهم ليسوا في عداد الذين عقدت هذا البحث في ذكرهم، وانما عقدته فيما ضاع من التراجم من معجم الأدباء حسب، وعثرت عليه في مطالعاتي وتصفحاتي وأضفت إليه أشياء أخرى للإفادة وهو التراجم الآتية".