-
/ عربي / USD
لا نملك إلا أن نقول بأن رسائل المس بيل-الموجهة إلى والدها للفترة 1917-1926- تعتبر في مضأمينها أحد المصادر الأساسية لتاريخ العراق السياسي الحديث، فقد انفردت بتسجيل ما لم يسجله مصدر آخر.. لأن الكاتبة كانت شاهد عيان في مواجهة الواقع السياسي الذي ساد العراق قبل ثورة العشرين وخلالها وبعدها وكانت في عمل متواصل لتثبيت النفوذ الاستعماري البريطاني في العراق من خلال تقاريرها. إن هذه الرسائل لا تقل أهمية عن مدونات الرحالة الأجانب، وسجلات شركة الهند الشرقية، ومؤلفات الحكام السياسيين الذي عرفهم الشعب العراقي خلال فترة الاحتلال. لقد حان الوقت أن نقرأ بشجاعة ما كتب فينا قبل أكثر من 80 عاماً، لأن التجاهل لا يمكن أن يستقيم موقفاً سليماً. ولدت المس بيل سنة 1868 في مقاطعة يور كشاير ببريطانيا، وهي ابنة السير هيو بيل من زوجته الأولى، عاشت طفولتها الأولى في بيئة ساحرة، ومناخ ليبرالي.. في بيت أبيها الباذخ، وكان أوبها وقتذاك واحداً من أكبر رجال الصناعة المعروفين في بريطانيا. كانت هذه المرأة، إلى جانب اهتمامها بسلالات القبائل العربية وزعاماتها، وإلى جانب معرفتها الدقيقة بأسرار البوادي العربية، تتمتع بذكاء خارق في مستهل وجودها في البصرة عام 1916... فلا عجب إذا كانت تتبجح بأنها خلقت كيان العراق، وكونت عرشه، وجاءت بأفكار حكومته، وتقول في إحدى رسائلها لأبيها "ثق أنني لن أشتغل بخلق الملوك بعد الآن". وفي ساعة مبكرة من صباح الأحد 12 تموز 1926 ماتت الآنسة بيل في بيتها البغدادي عن عمر يناهر 58 سنة. وقد وجدتها خادمتها الأرمنية ماري، خامدة الأنفاس وقد شيعت تشييعاً يكاد يكون رسمياً إلى المقبرة المعروفة في ساحة الطيران ببغداد حيث دفنت هناك.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد