تشكل هذه الدراسة الصراع العثماني البريطاني تجاه الكويت للفترة (1896-1915م) محاولة لتناول جانب من التاريخ السياسي لمنطقة الخليج العربي خلال حقبة مهمة من تاريخنا الحديث. ففي خلال تلك السنوات تقرر المستقبل السياسي لإمارة الكويت لنصف قرن لاحق. وعليه فإن الغرض الأساس لهذه الدراسة...
تشكل هذه الدراسة الصراع العثماني البريطاني تجاه الكويت للفترة (1896-1915م) محاولة لتناول جانب من التاريخ السياسي لمنطقة الخليج العربي خلال حقبة مهمة من تاريخنا الحديث. ففي خلال تلك السنوات تقرر المستقبل السياسي لإمارة الكويت لنصف قرن لاحق. وعليه فإن الغرض الأساس لهذه الدراسة متابعة وتحليل المواقف السياسية البريطانية والعثمانية الهادفة إلى التغلغل السياسي والاقتصادي في الكويت كجزء من هدف أساسي ظل بحكم السياسة البريطانية لفترة طويلة، يتمثل في جعل منطقة الخليج العربي منطقة مغلقة للنفوذ البريطاني باعتبارها أحد أهم الخطوط الدفاعية عن الهند أكثر المستعمرات البريطانية أهمية. والسنوات التي تناولتها هذه الدراسة هي فترة حكم الشيخ مبارك الصباح، التي تعتبر نقطة تحول أساسية في تاريخ الكويت السياسي تمت خلالها بلورة الموقف الجديد المرتبط بالسياسة البريطانية وصولاً إلى تحقيق كيان قائم مستقل، ولهذا فقد زخر عهده بالأحداث السياسية التي لعبت دوراً مهماً لا بالنسبة للكويت فحسب بل للجزيرة العربية والخليج العربي عامة. قسم الكتاب على أربعة فصول: عني الفصل الأول بدراسة تغلغل المصالح البريطانية في الخليج العربي، والتفوق الذي حققه خلال القرن التاسع عشر، وتصدي بريطانيا لمخاطر المنافسة الأوروبية التي حاولت تهديد مكانتها في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، والمتمثلة بفرنسا وروسيا وألمانيا، كما تناول هذا الفصل نشأة الكويت وعلاقاتها مع الدولة العثمانية، وصلاتها الأولى مع بريطانيا. وبحث الفصل الثاني في التوجه الجديد للسياسة البريطانية تجاه الكويت بعد تسلم الشيخ مبارك الصباح الحكم في الكويت عام 1896 ولغاية 1899، ودرسنا فيه تسلم مبارك للإمارة بطريقة عنيفة أثارت عليه جملة من المشاكل الداخلية والخارجية، وجرى التركيز على المعاهدة البريطانية الكويتية لسنة 1899، بعد أن عرجت على المركز القانوني للكويت من وجهة النظر البريطانية، وإلى الأسباب التي دفعت الشيخ مبارك لطلب الحماية البريطانية. وكشف الفصل الثالث عن ردود الفعل العثمانية تجاه سياسة الشيخ مبارك في أعقاب عقده لمعاهدة عام 1899 مع بريطانيا، وموقف البريطانيين من ردود الفعل هذه من أجل الحفاظ على مركزها الممتاز الذي حققته لها هذه المعاهدة في الكويت وساعدها ذلك في الوقوف على أرضية صلبة في مواجهتها للمخططات الألمانية والروسية الهادفة إلى الوصول إلى رأي الخليج العربي عبر مشروع سكة حديد -بغداد. أما في الفصل الأخير فقد بحث فيه ترسخ النفوذ البريطاني في الكويت، ذلك النفوذ الذي تجلت حقيقته من خلال دراستنا لظواهر سياسية شتى دلت عليه، أهمها زيارة اللورد كيرزون للكويت، والأهم ما ترتب عليها من نتائج وما تبع ذلك من إقامة وكالة سياسية بريطانية في الكويت عام 1904 وما عقدته بريطانيا من اتفاقيات مع الشيخ مبارك الصباح أسهمت بشكل جدي في تثبيت النفوذ البريطاني في الكويت، ذلك النفوذ الذي أضحى واضحاً من خلال ما عرضه هذا الفصل لموقف الشيخ مبارك الصباح من الحملة البريطانية على العراق. وأخيراً ألحق بالبحث مجموعة من الملاحق للمعاهدات التي عقدتها بريطانيا مع الشيخ مبارك خلال فترة حكمه وللرسائل التي أرسلها الشيخ لوكلاء بريطانيا السياسيين في الخليج العربي. لقد اعتمدت هذه الدراسة بشكل أساسي على الوثائق والمصادر المختلفة العربية والأجنبية، ومن أهم هذه المصادر مخطوطة العقود الدرية في تاريخ البلاد النجدية التي كشفت أوضاع الإحساء الداخلية قبل عام 1871 وعلاقتها بالدولة العثمانية، كما وضحت أسباب الخلاف بين الشيخ مبارك وأخويه محمد وجراح، ومحاولات يوسف الإبراهيم المتعددة لغزو الكويت.