تشكل جمهورية كوردستان، التي يسميها البعض خطأ بجمهورية مهاباد، حدثاً تاريخياً مميزاً وهاماً في تاريخ الحركة القومية الكوردية التحررية. وإن أهمية موضوع الدراسة وتحليل وقائع أحداثها تكمن في أنها زاخرة بالدروس والعبر لحاضر القضية الكوردية ومستقبلها القريب والبعيد على...

تشكل جمهورية كوردستان، التي يسميها البعض خطأ بجمهورية مهاباد، حدثاً تاريخياً مميزاً وهاماً في تاريخ الحركة القومية الكوردية التحررية. وإن أهمية موضوع الدراسة وتحليل وقائع أحداثها تكمن في أنها زاخرة بالدروس والعبر لحاضر القضية الكوردية ومستقبلها القريب والبعيد على السواء، فضلاً عن أن الإدارة الكوردية في الجمهورية شكلت الفرصة التاريخية الثانية، التي سنحت للكورد في النصف الأول من القرن العشرين في ظل ظروف دولية معقدة لينال الشعب الكوردي حقوقه القومية. كما أن الدروس والعبر المستقاة من هذه التجربة الفتية، هي بلا شك مفيدة للحركة القومية الكوردية التحررية في جميع أجزاء كوردستان، وأن إجراء البحث والتحقيق في جوانبها وملابساتها ستغني الحركة الكوردية في أمور هامة ولا سيما في ما يتعلق بتشخيص وتحديد أعدائها وأصدقائها. رغم أن العديد من الكتاب والباحثين الكوردي والأجانب قد أسهموا بشكل أو بآخر في توضيح معظم جوانب هذا الحدث التاريخي الهام، إلا أن النقص في تفاصيله وتحليل أبعاده يظل هاجساً للباحثين الكورد الذين يجدون بأن المسؤولية التاريخية تحتم عليهم ضرورة إعادة كتابة التاريخ الكوردي وخصوصاً الحديث والمعاصر منه وفق نظرة جادة وموضوعية في ضوء الوثائق الرسمية التي بدأت تظهر في بعض الدول، لذا ومن هذا المنطلق فإن هذا الموضوع يشكل دراسة علمية أكاديمية شاملة عن جمهورية كوردستان في ضوء العديد من الوثائق الدبلوماسية أبرزها وأكثرها إسهاماً الوثائق العراقية غير المنشورة، التي مدتها إلى جانب المصادر الأخرى بمعلومات تفصيلية دقيقة أغنت الدراسة بكل جوانبها. هذا وقد اقتضت طبيعة الموضوع والباحث "هوزان سليمان الدوسكي" تقسيمه إلى مقدمة وأربعة فصول وخلاصة ومجموعة من الملاحق والخرائط الضرورية، خصص الفصل الأول منه لدراسة طبيعة الأوضاع في كوردستان إيران قبيل الاحتلال الأنكلو-سوفيتي لإيران، والتي تميزت بتعرض الكورد إلى اضطهاد قاس في عهد رضا شاه بهلوي استهدفت تذويبهم في بودقة القومية الفارسية مع فرض لغة الفرس وثقافتهم عليهم، ومنعهم من التحدث بلغتهم الأصلية. وتناول الفصل الاحتلال الإنكلو-سوفيتي لكوردستان إيران وسياستهما تجاه الكورد، والتي ساهمت في تقليص نفوذ السلطة المركزية الإيرانية، وهيأت الأجواء المناسبة لتحرك الكورد والقيام بعدة انتفاضات مسلحة في العديد من المناطق الكوردية. وتابع هذا الفصل كذلك تشكيل التنظيمات السياسية الكوردية في كوردستان إيران في سنوات الحرب العالمية الثانية، تلك التنظيمات التي ساهمت بدور كبير في تهيئة الأجواء السياسية المناسبة لظهور جمهورية كوردستام، وقد حمل الفصل عنوان "كوردستان إيران في سنوات الحرب العالمية الثانية". وتناول الفصل الثاني الذي حمل عنوان (قيام جمهورية كوردستات 22 كانون الثاني 1946). عدة محاور أساسية من موضوع الدراسة، منها: الدور السوفيتي في قيام الجمهورية. ثم إعلان جمهورية كوردستان في الثاني والعشرين من كانون الثاني 1946 وتشكيل حكومة كوردية، وشكل هذه الحكومة. وتناول الفصل أيضاً، دور البارزانيين في جمهورية كوردستان، الذين دافعوا عن الجمهورية حتى أيامها الأخيرة، وعني الفصل بمنجزات جمهورية كوردستان وأهم أعمالها القومية، ولا سيما في مجال التربية والتعليم والجيش. خصص الفصل الثالث للحديث عن (موقف الحكومة الإيرانية والقوى الإقليمية والدولية من جمهورية كوردستان)، حيث تم فيه التحدث عن موقف الحكومة الإيرانية من جمهورية كوردستان، والذي تميز بعدم الاعتراف بهذه الجمهورية الكوردية وسعيها للقضاء عليها بشتى الطرق. وتطرق أيضاً إلى العلاقات بين جمهورية أذربيجان وجمهورية كودستان. وتناول الفصل أيضاً موقف القوة العظمى من جمهورية كوردستان. أما الفصل الرابع مكرس للبحث في أسباب (سقوط جمهورية كوردستان 17 كانون الأول 1946)، والتي كانت نتيجة بروز وتفاعل عوامل خارجية وداخلية عديدة، منها: انسحاب القوات السوفيتية من إيران بعد أن حققت هدفها الأساسي في الحصول على امتياز نفطي في شمال إيران، وكذلك فشل المفاوضات بين الحكومة المركزية الإيرانية وحكومة جمهورية كوردستان، بسبب عدم صدق نوايا الحكومة المركزية في المفاوضات والتي رفضت إعطاء أية وعود مدونة للكورد، وتناول الفصل أيضاً، النهاية المأساوية لجمهورية كوردستان ومحاكمة رئيسها القاضي محمد.