يقع الإحساء (لحسا) على سواحل الخليج العربي في الشريط الساحلي الممتد من خليج الكويت شمالاً إلى شبه الجزيرة القطرية جنوباً ويعرف حالياً بالمنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية. وللأهمية الاستراتيجية التي كان يتمتع بها إقليم الإحساء (لحسا) أصبح محط أنظار القوى المتصارعة...

يقع الإحساء (لحسا) على سواحل الخليج العربي في الشريط الساحلي الممتد من خليج الكويت شمالاً إلى شبه الجزيرة القطرية جنوباً ويعرف حالياً بالمنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية. وللأهمية الاستراتيجية التي كان يتمتع بها إقليم الإحساء (لحسا) أصبح محط أنظار القوى المتصارعة الدولية والإقليمية والمحلية عبر الأزمنة المختلفة. فالعثمانيون نظروا إليه كخط دفاع عسكري ضد الوجود البرتغالي في المنطقة خلال القرن السادس عشر الميلادي. بل وحتى بعد أن توقفت الحملات العسكرية البحرية عن طريق المحيط الهندي ضد البرتغاليين وقد استمرت النظرة على أنه نقطة ارتكاز هامة في العمليات ضد الهجمات الخارجية لحدود الدولة العثمانية من قبل القراصنة الأوروبيين. المرة الأولى في منتصف القرن السادس عشر الميلادي، ووضعت تحت إدارة حكومية إقليمية تابعة للإمبراطورية العثمانية. والمرة الثانية في النصف الأخير من القرن التاسع عشر الميلادي، سيطرت الجيوش العثمانية على منطقة الإحساء (لحسا) مرتين. وارتبطت المنطقة بمدلولها الجغرافي في كلتا الفترتين بنظام الدولة العثمانية الإداري، الأمر الذي أدى إلى إيجاد سلسلة من المراسلات بينهما وبخاصة إن العثمانيين كانوا يهتمون بتوثيق معظم الأمور التي تهم دولتهم وامتازت الدولة العثمانية عن غيرها من الدول الإسلامية بكثرة وثائقها التي خلفتها والتي تتناول أمور أقاليمها المتعددة والمترامية الأطراف. وتحتفظ الجمهورية التركية الحديثة بتلك المراسلات والتي تقدر بأكثر من (15) مليون وثيقة في الأرشيف العثماني Basbakanlik Devlet Arsivleri في استنبول التابع لرئاسة الوزراء -لم يخرج منها إلى النور إلا حوالي ما يعادل ثلثها-وتم تصنيف تلك المراسلات ونتج عن ذلك إعداد فهارس لها. وجاءت فكرة المؤلفين بإعداد هذا الكتاب سواحل نجد (الإحساء)-التي تشمل مناطق نجد الداخلية (جبل شمر، القصيم، الرياض) مع سواحل الإحساء (العجير، القطيف، الكويت، البحرين، قطر، إضافة إلى مسقط وعمان). ولقد تم إعداد هذا الدليل "سواحل نجد (الإحساء)" بعد الإطلاع على جميع الفهارس السابق ذكرها. وذلك في خلال بحثنا في الأرشيف العثماني، لقصد جمع المعلومات لعملينا الأكاديميين المتمثلين في رسالة الدكتوراه بعنوان: (الإدارة العثمانية في متصرفية الإحساء 1288هـ-1331هـ) مقدمة من د.محمد موسى القريني، وكتاب (الحكومة العثمانية في نجد خلال قرن) مقدم من د.زكريا كورشون للترقية إلى الأستاذية، ويتفرد هذا الدليل في كونه الوحيد الذي جرى إعداده على أساس الموضوع. ويقصد هنا بـ"سواحل نجد (الإحساء)" مناطق نجد الداخلية (جبل شمر، القصيم، الرياض) مع سواحل الإحساء، العجير، القطيف، الكويت، البحرين وقطر، إضافة إلى مسقط وجهة عمان. ورغم أن مركز ولاية البصرة وما حولها (المنتفق، الزبير... الخ) لم يدخلا ضمن هذا الدليل، إلا أن ملخصات بعض هذه التقارير والوثائق التي تتعلق بالمنطقة تم إدراج بعضها. وبالنظر إلى احتمال عدم إلمام الباحثين باللغتين العثمانية والتركية الحديثة، وحرصاً على الزمن الذي قد يهدر في مسح الفهارس فقد تم إعداد هذا الدليل لكي يحتوي على الشطر الأكبر من الوثائق التي من الممكن إيجادها في الأرشيف العثماني فيما يخص "سواحل نجد (الإحساء)". ولعله يمكننا القول: إن هذا الدليل يحتوي على معظم الوثائق التي تخص "سواحل نجد (الإحساء)" ويضم مجموعة من الوثائق المحتمل تواجدها حالياً في الأرشيف العثماني في هذا الخصوص، على الرغم من عدم استكمال تصنيف الوثائق في الأرشيف العثماني، وعدم إمكانية مسح دفاتر الفهارس. ولكي يتيسر على الباحثين فهم تشكيلات الدولة العثمانية وللاستفادة من الوثائق، فقد قمنا بشرح موجز لكل مجموعة من الوثائق التي تم إعداد ملخص لها. مما يوضح للباحث موضع أي وثيقة ويسهل عليه القيام بأبحاث إضافية لو احتاج الأمر لذلك، ولقد تم إعداد الدليل وفقاً لمجموعات رئاسة الوزراء للأرشيف العثماني ولمي صنف تصنيفاً مختلفاً. فمثلا يمكن مشاهدة مادة "البحرين في "دفاتر المهمة (MD) مثلما يمكن مشاهدتها في الأقسام الأخرى. ولهذا يتوجب على الباحث التدقيق الكامل لدلينا هذا أثناء اشتغاله في أي منطقة من مناطق سواحل نجد "الإحساء". وتجدر الإشارة إلى أن تصنيف هذه الوثائق قد تم حسب تسلسل الأحداث الزمنية مع الاعتناء بتواريخ الوثائق. فتم وضع تاريخ الوثيقة، كما وتم وضع الأرقام الأصلية التي في الأرشيف العثماني التابع لرئاسة الوزراء على الوثائق التي قمنا بتلخيصها. وكما تجدر الإشارة إلى أن جميع ما جاء في هذه الدليل ما هو إلا ملخصات لمحتوى الوثائق التي استخدمت وليس بالضرورة يعبر عن رأيي المؤلفين. وما يميز هذا العمل بأنه الدليل الأول والوحيد الذي جرى إعداده على أساس الموضوع.