يستهدف هذا الكتاب دراسة قضية عربستان المعاصرة، وقد بدا واضحاً أن الفترة الزمنية التي تحدد بها هذا البحث تمثل فترة حكم الشيخ خزعل، وإن ارتكزت عليه هذه الدراسة فلأنه يمثل القمة التي وصلت إليها إمارة عربستان، وهو أعظم شخصية حكمتها، كما تمثل نهايته الانحدار العربي السريع في...

يستهدف هذا الكتاب دراسة قضية عربستان المعاصرة، وقد بدا واضحاً أن الفترة الزمنية التي تحدد بها هذا البحث تمثل فترة حكم الشيخ خزعل، وإن ارتكزت عليه هذه الدراسة فلأنه يمثل القمة التي وصلت إليها إمارة عربستان، وهو أعظم شخصية حكمتها، كما تمثل نهايته الانحدار العربي السريع في عربستان، وهذا ما دفع لمعرفة آثاره. ولما كانت الدراسة العلمية تهدف في العادة إلى كشف جوانب جديدة لمشكلة، أو إعادة كتابة القديم بأسلوب علمي حديث، فإن دراستي -على ما يبدو- حققت الغرضين، وقد تجلى ذلك في فصول الدراسة التي حرص على أن يكون البحث فيها مقتصراً على الأحداث الرئيسية التي كان لها تأثير واضح في السياسية الداخلية والخارجية، وقد تركت جانب الأحداث البسيطة والعلاقات الخاصة والشخصية، فقسم الكتاب إلى ثمانية فصول يتقدمها تمهيد جغرافي عام كشف به طوبوغرافية المنطقة مع إشارة تسميتها وأهميتها ومدنها، وذلك ليكون مدخلاً يفهم منه تأثير البيئة الطبيعية على التاريخ العام. والفصل الأول شمل التطورات السياسية العامة للإمارة، تلك التطورات التي ابتدأت بمجيء بني كعب من الداخل إلى ضفاف الخليج الشمالية في عربستان، فكانت النواة التي التف حولها التشكيل العربي الحديث في المنطقة، والذي أخذ ينمو إلى الدولة، وهذا ما دفعني لأن أبدأ رسالتي بهم. أما الفصل الثاني فقد اقتصر على أمراء المحمرة: 1-إمارة الحاج جابر بن مرداو (1829-1881)، 2-إمارة الشيخ مزعل (1881-1897). وأيضاً على ولاة الأحواز: ولاة كور، ولاة الخراج، ولاة المعاون. ثم على علماء الأحواز (مرتبون تبعاً للمدن التي ينسبون إليها): التستريون، جنديسابور، السوس، عسكر مكرم، ورامهرمز، دورق، إيذج، زيدوان، ببروت، متوث، سوسنجرد، أربق. وقد شمل الفصل الثالث الحديث عن الشيخ خزعل أميراً لعربستان وزوجاته وألقابه ورتبه وأنجاله وهم: 1-الشيخ عبد الله، 2-الشيخ جاسب، 3-الشيخ عبد المجيد، عبد الكريم ومحمد سعيد. أما الفصل الرابع فقد تناول السياسة الداخلية لإمارة عربستان، طبيعة الحكم، الشؤون الداخلية والقبائل العربية. ومن أجل الربط بين أوضاع عربستان الداخلية والتطورات الدولية الحاسمة كان الفصل الخامس، وقد تحدث عن علاقات الشيخ خزعل العربية وصلاته بالكويت ونجد والعراق وارتباطه بالبصرة والسيد طالب باشا النقيب. والواقع أن مستقبل عربستان لا يزال ذا مغزى معاصر خطير، فإذا كانت راية الاستقلال قد خفقت على أكثر بلدان العالم العربي، فإن عربستان تبذل كل غال من أجل التحرر من السيطرة الفارسية، فالعرب فيها يؤمنون بحق تقرير المصير ولا يعترفون بالسيادة الفارسية، كما يعارضون سياسة القمع التي تتبعها إيران لعزلها عن الركب العربي، تلك السياسة التي لم تتوان عن تهديد أية حركة وطنية داخل عربستان. وإني أعد الجهود العلمية التي أنجزتها في سبيل قضية عربستان واجباً قومياً متواضعاً لأجل تأكيد عروبة المنطقة من جهة، ولتعريف أبناء الضاد بمنطقة بالغة الخطورة هي جزء من كيانهم -لا تقل أهمية عن فلسطين- لا تزال ترزح تحت النفوذ الفارسي. أما الفصل السادس: تناول موقف الشيخ خزعل من الاحتلال البريطاني للعراق إبان الحرب العالمية الأولى التي حاولت أن تستميل شيوخ الإمارات المحلية القائمة على ضفاف الخليج العربي. أما الفصل السابع: تناول تطور النفوذ الأجنبي في عربستان خلال القرن السادس عشر وسيادة البرتغاليين على مياه الخليج العربي، التي كان من نتائجها ضرب التجارة العربية. أما الفصل الثامن: فيتحدث عن مقاومة الشيخ خزعل للتدخل الفارسي على عربستان وأطماع فارس لضمه إليها.