إن مفهوم الإغتراب الفلسفي والذي ينفي الإنفصال عن شيء ما والإبتعاد والعزلة عنه، كما يعني إغتراب الذات، إغتراب في الوجود انطولوجي، إغتراب عن البنية الإجتماعية، إغتراب عن الطبيعية وإغتراب عن العمل... وهكذا.فهذا المفهوم الفلسفي للإغتراب هو مفهوم نادر في تناوله ودراسته غربياً...
إن مفهوم الإغتراب الفلسفي والذي ينفي الإنفصال عن شيء ما والإبتعاد والعزلة عنه، كما يعني إغتراب الذات، إغتراب في الوجود انطولوجي، إغتراب عن البنية الإجتماعية، إغتراب عن الطبيعية وإغتراب عن العمل... وهكذا. فهذا المفهوم الفلسفي للإغتراب هو مفهوم نادر في تناوله ودراسته غربياً نظرياً لتعقيداته الفلسفية كأحد فروع الأنثروبولوجيا في الفلسفة المعرفية، وتكاد تخلو منه أدبيات المعرفة العربية في الفنون والآداب، في الثقافة عموقاً. والإغتراب هو مفهوم فلسفي طارئ على مجمل فروع الثقافة والمعارف العربي، كما هو جديد على النتاج الأكاديمي الفلسفي والثقافي أيضاً، كما هو شحيح في الدراسات التي تتناول الأجناس الأدبية والفنية المنوعة في الشعر أو الرواية، أو المسرح بمختلف النظريات والمدارس، والأساليب النقدية والسردية. كما لا يوجد منظور فلسفي أو معرفي عربي قديم يُعنى بالإغتراب في المنتوج الحضاري، العربي والإسلامي، بالإمكان الإعتداد به، وذلك لدى أعلام وفلاسفة العرب والمسلمين، بإستثناء واوصل من شذرات فلسفية تصوفية جاءت في مخلفات بعض المتصوفة العرب والمسلمين أمثال: الحلاج، ابن عربي، النفري، السهروردي، جلال الدين الرومي وابن الفارض وغيرهم، (وهو ما نمت الإشارة إليه في الفصل الخامس من هذه الدراسة والذي جاء تحت عنوان: "الإغتراب والصوفية"). وإلى هذا، فالإغتراب مفهوم فلسفي حديث أيضاً في أوروبا وأمريكا، خاصة حيث ترجع بداياته الأولية إلى القرن الثامن عشر الميلادي في كتابات (فيخته)، (روسو)، (نيتشه)، (هيجل)، (ماركس) وآخرين عديدين. بالإضافة إلى ذلك، وكما تمت الإشارة إليه سابقاً، لم يكن هناك من دراسة عربية لظاهرة الإغتراب، حتى على مستوى مفكرين وباحثين أكاديميين، بما يستحقه هذا المفهوم الفلسفي من عناية وإهتمام، بإستثناء النذر الميسر المتناثر على شكل مقالات وبحوث... أو في أطاريح جامعية. إلا أن من المهم القول بأن الإغتراب هو موضوع فلسفي عنت به التيارات الفلسفية المختلفة، وعلم الإنثروبولوجيا، علم الإجتماع، علم النفس، وعلى ذلك، فإن هذه الدراسة تشكل في مضمونها بحثاً هاماً، يسدّ نقصاً في المكتبة العربية. وقد عمد الباحث في دراسته هذه إلى الإسقاط المنهج الفلسفي السيسولوجي للإغتراب في دراسة ونقد المنتج الأدبي والفني والفلسفي في تبئير مركزية القيمة المنهجية الطاغية سيسيولوجياً فيما تناوله الباحث في فصول هذه الدراسة الثمانية، والمزج بين الفلسفة والأدب والفنون والفكر بعامة، وحتى ربط مسألة الدين بالإغتراب. كما عمد إلى إستهلال بحثه هذا يمدخل عام جعله بمثابة توطئة مفهومية معرفية تبسط نفسها أمام القارئ تمهيداً لدخوله في فصول هذه القراءة النقدية المنهجية في فلسفة الإغتراب.