شارك هذا الكتاب
كربلاء في الآرشيف العثماني: دراسة وثائقية 1840-1876م ديلك قايا
الكاتب: زكريا قورشون
(0.00)
الوصف
ظهرت الكثير من الدول والأسر الحاكمة في الجغرافيا الإسلامية منذ شروق الإسلام، وقد تفاوتت أعمار هذه الدول فمنها ما عمّر ومنها ما لم يعمّر كثيراً، فالدولة أو الإمبراطورية التي ابتعدت عن صراعات المذاهب والأعراف وتمكنت من تحقيق المنافع الدنيوية والإتحاد بين المسلمين قد عمّرت...
ظهرت الكثير من الدول والأسر الحاكمة في الجغرافيا الإسلامية منذ شروق الإسلام، وقد تفاوتت أعمار هذه الدول فمنها ما عمّر ومنها ما لم يعمّر كثيراً، فالدولة أو الإمبراطورية التي ابتعدت عن صراعات المذاهب والأعراف وتمكنت من تحقيق المنافع الدنيوية والإتحاد بين المسلمين قد عمّرت طويلاً، ولا جرم أن الدولة العثمانية كانت واحدة من الدول التي تمكنت من تحقيق أكبر اتحاد سياسي بين المسلمين. بعد حملة السلطان سليم الأول على الشام ومصر بدأت البلاد الإسلامية تدخل تحت الحكم العثماني واحدة تلو الأخرى، وعلى الرغم من أن أغلب سكان هذه البلاد التي دخلت تحت الحكم العثماني في هذه المنطقة كانت سنية المذهب لكن الوجود الشيعي في أغلبها يعد حقيقة تاريخية لا جدال فيها، وقد استوعبت الدولة العثمانية هذا الأمر وبذلت جهوداً خاصة لمنع الخلاف بين السنة والشيعة الموجودين تحت رايتها، ولمنع أي حدث قد يؤدي للتدخل الأجنبي في شؤونها. ظهر تنافس على العالم الإسلامي بين دولتين من أصل تركي بعد تأسيس الدولة الصفوية التركية الأصل في إيران، وبالرغم من أن هذا التنافس سياسي الأصل إلا أنه نقل إلى المجال الديني من قبل الدولة العثمانية في بعض الأحيان ومن الدولة الصفوية أحياناً أخرى، إن هذا التنافس كان سبباً في زيادة أو قلة النفوذ السياسي لكل من الطرفين بين الحين والآخر، ولكن هذا التنافس لم يؤثر بطريقة مباشرة سواء على السنة أم على الشيعة في أي وقت من الأوقات. كان السلطان سليم الأول يرى أن الوجود الصفوي يشكل خطراً على العالم الإسلامي، ولكن إبنه السلطان سليمان القانوني كان يرى عكس ذلك في السنوات الأولى من سلطنته، فعندما اعتلى السلطان سليمان القانوني عرش السلطنة أرسل خطاباً إلى الشاه إسماعيل الصفوي ليعرب له عن نواياه الحسنة ويدعوه للإتحاد معه ضد الكفار، وعلى الرغم من أن هذه الدعوة لم تلق اهتماماً إلا أن السلطان سليمان القانوني انشغل بإعداد الحملات على الغرب وسعى للتعايش الجيّد مع الصفويين، ولكن بعدما حدث نزاع شفوي بين الشاه طهماسب الذي تولى حكم الصفويين بعد وفاة أبيه الشاه إسماعيل والقانوني توترت العلاقات بين الدولتين العثمانية والإيرانية وانتهى هذا التوتر بقيام السلطان سليمان القانوني بحملة العراقين. إن دخول منطقة الحجاز تحت الحكم العثماني بعد عام 1517 م أثار مشاعر التنافس عند الإيرانيين، وبدأ الصفويون يعطون أهمية أكبر لبغداد. والمناطق التي تحتوي على العتبات التي كانت تحت إدارتهم منذ سنة 1508 م، إن الأمير ذو الفقار خان السني المذهب الذي كان يدير بغداد باسم الصفويين شعر بالضغط عليه من إيران من جانب ومن العالم السني من جانب آخر، ففعل كما فعل أمراء مكة من قبل وأرسل مفاتيح قلعته إلى استانبول سنة 1529م مطالباً بالدخول تحت الحكم العثماني، إن الشاه طهماسب الذي غضب من هذا الأمر حاصر بغداد وقبض على ذو الفقار وأعدمه وعين والياً آخر على بغداد، وهكذا فإن هذا العمل قد دفع بالعلاقات العثمانية الصفوية إلى حرب لا مناص منها، وهذا لأن الهجوم على بغداد وإعدام الأمير ذوالفقار اعتبره العثمانيون إعتداءً على الملك العثماني، وقرر السلطان سليمان القانوني القيام بحملة على بغداد. إن الحركة العسكرية التي بدأت في أواخر سنة 1533 م قد استمرت سنة كاملة، وتمكن السلطان سليمان القانوني من تأسيس معسكره بجوار بغداد دون أدنى مقاومة في 29 نوفمبر 1534 م، وذهب قائد الجيش الصدر الأعظم إبراهيم باشا بعدد من الجند إلى قلعة بغداد ورفع الراية العثمانية على قلعتها، ولم يأخذ الصدر الأعظم كل الجنود حتى لا تسلب دار السلام، وهكذا جهزت بغداد دار السلام لاستقبال السلطان سليمان القانوني، فدخلها القانوني في 1 ديسمبر 1534 م دون أن تدمى أنف واحد من أهلها. قرر السلطان العثماني قضاء الشتاء في بغداد فمكث بها أربعة أشهر، وفي تلك الفترة جاءه العديد من الأمراء والأشراف والأعيان ورؤساء العشائر طالبين الدخول تحت راية الدولة العثمانية، وشيد ضريحاً لمقبرة الإمام الأعظم التي خربت بسبب الهجمات المختلفة، وأسس حيّ الأعظمية، وتم البدء في بناء ضريح لقبر الشيخ عبد القادر الجيلاني (الكيلاني) وعمارة خيرية بجواره. اهتمّ السلطان سليمان القانوني بزيارة العتبات الموجودة في الكاظمية وضريح الإمام علي في النجف وضريح الإمام الحسين في كربلاء وأمر بعمل العديد من الترميمات في هذه الأماكن، بخلاف هذا فقد أمر بتحرير وتسجيل الأوقاف الخاصة بهذه الأماكن، وتحسين إداراتها وجعلها على أحسن وجه، وفي تلك الفترة خلع الخلع على شيخ كربلاء السيد حسين الذي كان من سادات مشهد الإمام علي والسيد حسن وبكر أمير تكريت ومحمد بن سياله أمير دليم، وهكذا أسعد السلطان سليمان القانوني كل من السنّة والشيعة. وفي تحريرات الأوقاف التي تمت بأمر السلطان سليمان القانوني تم تثبيت الأوقاف التي أوقفت في بغداد وما جاورها من أجل العتبات في العصور الإسلامية الأولى وفي عصر الشاه إسماعيل مما عمل على إحياء هذه الأوقاف، وقد تمّ تسجيل ما يزيد على مائة وقف في هذا التحرير الأول وهذا ما نراه بوضوح في الوثائق العثمانية، كما تم تسجيل واردات الأوقاف وبالتالي سجلت أبنية الأوقاف والمفروشات والكتب والأشياء الأخرى الموجودة في الأضرحة، وسجلت أيضاً واردات القرى والمزارع والمحال الموقوفة وأعفى الأسياد المجاورين للأوقاف والمجاورين والفقراء من الضرائب وخصص لهم مخصصات لإعاشتهم، ولقد خصصت الدولة العثمانية العديد من الورادات لهذه الأوقاف سواء كانت سنية أم شيعية، وعلى سبيل المثال فقد زيدت واردات وقف الإمام الأعظم إلى 280000 آقجة وواردات وقف عبد القادر الجيلاني إلى 270000 آقجة وورادات الأوقاف الموجودة في الكاظمية والجوادية إلى 270000 آقجة. ولم تتأثر الأوقاف السنية في بغداد ولا الأوقاف الشيعية في العتبات إطلاقاً من مسار العلاقات العثمانية الإيرانية طوال التاريخ، ولهذا ظلت النجف وكربلاء هي المرجعية العلمية للعالم الشيعي، فمن النجف وكربلاء خرج المجتهدون الذين تقلدوا رئاسة الشيعة سواء في الأراضي العثمانية أم في إيران بل وحتى في الهند أيضاً، بخلاف هذا فإن الأمن الذي تحقق بهذا المفهوم قد جعل النجف وكربلاء مكاناً عامراً بالسكان، وصار لكل من هذه المراكز الدينية مركزاً تجارياً وزراعياً من ناحية أخرى. لما حل الضعف والانحلال بالدولة العثمانية في النصف الأول من القرن التاسع عشر نالت بغداد وكربلاء مثلها ككل المناطق الأخرى نصيباً من هذا الضعف، وتأثرت من هذه التطورات، ولقد لجأت الدولة العثمانية إلى سلسلة من التدابير لإيقاف هذا الضعف والإنحلال. إن مقاومة رعايا الدولة لهذه التجديدات التي قامت بها الدولة لإصلاح الأحوال الداخلية من جانب والتداخلات الأجنبية من جانب آخر قد وضعت الدولة العثمانية في موقف صعب. إن القوى الخارجية التي سعت للإستفادة من ضعف الدولة العثمانية لم تكتف بالتدخل في شؤونها بل سعت للتأثير على العلاقات العثمانية الإيرانية التي إتسمت بالهدوء والسلام قروناً طويلة، وإن تأثير الدول الأجنبية على العلاقات العثمانية الإيرانية طوال القرن التاسع عشر أمر واضح وضوح الشمس. والعمل الذي بين أيدينا يوضح حال كربلاء في تلك الفترة، وقد أوضحت المؤلف ديلك قايا في رسالتها الأحداث التي وقعت في كربلاء في القرن التاسع عشر والترميمات والإصلاحات الخاصة بالعتبات، وتأثير القوى الأجنبية وخاصة الإنكليز والروس على العلاقات العثمانية الإيرانية معتمدة بشدة على وثائق الأرشيف العثماني.
التفاصيل

 

سنة النشر: 2008
اللغة: عربي
عدد الصفحات: 390
عدد الأجزاء: 1

 

فئات ذات صلة

التقييم والمراجعات
0.00/5
معدل التقييم
0 مراجعة/ات & 0 تقييم/ات
5
0
4
0
3
0
2
0
1
0

قيّم هذا الكتاب




هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟

مراجعات الزبائن

لا توجد أي مراجعات بعد

متوفر

يشحن في غضون 4-8 أيام عمل

المصدر:

Lebanon

الكمية:
تعرف على العروض الجديدة واحصل على المزيد من
الصفقات من خلال الانضمام إلى النشرة الإخبارية لدينا!
ابقوا متابعين