وصل الدكتور محمد سعيد القشاط إلى السعودية في أواخر ربيع عام 1999ف. في مهمة عمل، وما أن وصل حتى وجد آثار الليبيين قد سبقته، وأعمالهم ومساهمتهم في بناء المملكة العربية السعودية الحديثة بعد أن جاهدوا ضد الغزو الإيطالي في بدايات القرن الماضي. ولزمتهم الهجرة بعد قتال دام أكثر من...
وصل الدكتور محمد سعيد القشاط إلى السعودية في أواخر ربيع عام 1999ف. في مهمة عمل، وما أن وصل حتى وجد آثار الليبيين قد سبقته، وأعمالهم ومساهمتهم في بناء المملكة العربية السعودية الحديثة بعد أن جاهدوا ضد الغزو الإيطالي في بدايات القرن الماضي. ولزمتهم الهجرة بعد قتال دام أكثر من ربع قرن ضد دولة تعد في ذلك الزمن من أقوى الدول في العالم. وليس بمستغرب أن يتواجد الليبيون في الجزيرة العربية فهي موطنهم الأول ونقطة انطلاق أجدادهم عبر القرون إلى الشمال ألفريقي حاملين راية الإسلام والعروبة. وقبل ذلك حاملين حضارات الجزيرة العربية إلى أفريقيا، مؤسسين الإمارات والممالك متجاوزين الصحراء الكبرى جنوباً والبحر الأبيض شمالاً. وحاول أن يتعرف على دور هؤلاء الرجال الذين عرفوا في ليبيا، وعرف آثارهم فيها وإنجازاتهم الجهادية والعملية، وغاب دورهم بعد هجرتهم منها. لقد كان غرضه الإلمام بسيرة مجموعة من قادة الجهاد الليبي في الجزيرة العربية. وتوضيح دورهم في ليبيا ليتعرف عليهم أبناء الجزيرة العربية، موضحاً لهم أنهم لم يستقبلوا نكرة، وأن الرجال الذين آووهم واحتضنوهم كانوا أعلاماً في بلدانهم. إن بشير السعداوي وخالد القرقني اللذين كانا مستشارين للملك عبد العزيز رحمه الله. كانا من قادة الجهاد في ليبيا. وإن طارق الأفريقي الذي كان أول رئيس لأركان الجيش السعودي، كان مجاهداً عربياً إسلامياً خاض المعارك دفاعاً عن حرية العرب والمسلمين في تركيا وليبيا وفلسطين، وكان عاشقاً للحرية وكارها للاستعمار في تطوعه للحرب في بلاد الحبشة ضد عدوه اللدود وعدو وطنه في ذلك الزمن إيطاليا. وإن الشيخ سليمان باشا الباروني الذي أصبح مستشاراً للسلطان تيمور سلطان عمان، ومستشاراً للإمام محمد بن عبد الله في عمان الداخل. كان قائداً للجهاد في وطنه، ورب السيف والقلم، وعالماً من علماء ليبيا الأفذاذ. وأحمد الشريف الذي استقبله الملك عبد العزيزي بالمدينة المنورة عندما ضاقت به السبل وصكت بريطانيا وفرنسا وتركيا الملحدة في وجهه الأبواب. لقد كان قائداً للجهاد والمجاهدين ضد فرنسا في تشاد والنيجر قرابة الثلاثين سنة، وضد الطليان في ليبيا قرابة السبع سنوات، واستمر يصدر توجيهاته وتوصياته وفتاويه المشجعة للمجاهدين إلى آخر معاركهم في (القفرة)، (جالوا وأوجلة) في عام 1931ف. لقد ساهم هذا الرجل في إطفاء نار الفتنة بين الأشقاء وهو الذي كتب الاتفاق بين الملك عبد العزيز والأمير الإدريسي وحقن بذلك دماء المسلمين. هؤلاء هم الرجال الذين يتحدث عنهم المؤلف في هذا الكتاب متوقفاً عند سيرتهم الذاتية دورهم السياسي في ليبيا هجرتهم إلى الجزيرة العربية والمناصب العالية التي شغلوها أثناء إقامتهم فيها.