-
/ عربي / USD
بعد إنتصاره على عبد العزيز بن الرشيد في الرياض وبعد إسترداده لها تابع عبد العزيز آل معاركه التي امتدت لفترة طويلة، ولتؤول إلى إنتصارات حصدها مكنته من إعادة الأمن والإستقرار إلى جميع مناطق المملكة. بعد ذلك انصرف تفكيره وإهتمامه لتنظيم الحكم وإستقراره، لا إلى التفكير في الغزو والتوسع، وابن مسعود الذي نشأة دينية كان يدرك أن الأمر الأهم هو السيد على هدي تعاليم الرسول صلى الله عليه وسلم والتمسك بأمور دينه، وقد اتخذ من حياة الرسول صلى الله عليه وسلم نفسه أنموذجاً وقدوة لسلوكه وسيرته بين الناس لا يجيد عنه طول حياته. بالإضافة إلى ذلك، كان له في أبيه وفي الزعماء الدينيين في الرياض عون قيم إزاء هذه الواجبات والمسؤوليات الضخمة، وفي هذه المرحلة تقريباً بدأت سياسته، التي تهدف إلى جعل النهضة الدينية أساساً للنهضة السياسية في البلاد تتخذ شكلاً عملياً وتخرج إلى حيز التنفيذ. لقد أبان تاريخ أسلافه عن أن الغيرة الدينية ظاهرة متوطنة أبداً في صحراء بلاد العرب، فلو أمكن صقلها وتهذيبها كما ينبغي، لجعلت من مقاتلة نجد وبدوها قوة حربية هائلة ذات كفايات عظيمة، لأن بقاس الحماس الديني متأججاً إلى ما لا نهاية أمر مستحيل بين الشعب العربي الكثير التنقل والترحال، ثم أنه شعب متباعد لا يميل بطبيعته إلى المركزية، كما كان التعصب القبلي يتلف كل ثمرة وكسب تنحسر عنها الحروب الدينية. ولقد أثبتت حياة محمد الرشيد وسيرته أن الدهاء السياسي والكفاية الإدارية تستطيعان أن تبقيا على تضامن البلاد ووحدتها في السلم والحرب على حدٍّ سواء، ولكن سوف تضيع سوى كل جلائل الأعمال بمجرد زوال هذا العامل الشخصي المسؤول؛ وعلى المرء أن يرجع إلى أغوار التاريخ العربي ليجد هذا التكامل التام بين الكفاية السياسية العالية والغيرة الدينية اليقظة في شخص النبي صلى الله عليه وسلم، الذي أودع أرض الصحراء نواة إمبراطورية امتدت أطرافها مسافات شاسعة وراء حدود بلاد العرب. وهكذا كان هدف آل سعود واضحاً جليّاً منذ البداية؛ إن الرجوع إلى أصول الدين وصحيح أحكامه يجب أن يكون الأساس الذي يشيد عليه سلطته الدنيوية التي تصلح إدارة لإستئصال ظاهرة الضعف المزمن من المجتمع العربي، كخطوة في سبيل قيام نظام للحكم ثابت ومستقر، لا يتصدع لمجرد زوال اليد القوية التي تقبض على زمامه. وكان هذا معناه إصلاح العناصر البدوية في البلاد ورياضتها ثم وضعها في صف واحد مع سكان المدن والقرى المتواطنين الذي تؤكد مصالحهم في البلاد ولاءهم الشامل لأي حكم مركزي مستقر فعال... وهكذا يتابع هاري سانت جون بريدجر (عبد الله) فيليبي في كتابه هذا سرده لمذكراته السياسية مع الملك عبد العزيز آل سعود، ليأتي هذا الكتاب بمثابة سجل تاريخي حامل متكمل الأسباب لحكم الملك عبد العزيز آل سعود الطويل، وهو إلى هذا أقرب لأن يكون عرضاً لأعماله ونواحي رسالته في لوحات متتابعة تبين الفترات التي تميز به حكمه وأسلوبه.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد