إن هذا كتابٌ يصوّر ملامح من المجتمع العراقي، وأنا فيه صادقٌ كل الصدق، فما أثنيت على العراقيين إلاّ لما هُمْ له أهل، ولا أشرتُ إلى عيوبهم إلاّ مجاراةً للطبيعة في تزيين الخدود البيض بالخيلان السُّود.ولكل مبحث في هذا الكتاب تاريخ، إلاّ المباحث الأولى، وقد كُتب بعضها في آذار...
إن هذا كتابٌ يصوّر ملامح من المجتمع العراقي، وأنا فيه صادقٌ كل الصدق، فما أثنيت على العراقيين إلاّ لما هُمْ له أهل، ولا أشرتُ إلى عيوبهم إلاّ مجاراةً للطبيعة في تزيين الخدود البيض بالخيلان السُّود. ولكل مبحث في هذا الكتاب تاريخ، إلاّ المباحث الأولى، وقد كُتب بعضها في آذار وبعضها في نيسان من السنة الماضية، وكانت شروعاً في دراسات مفصَّلة عن الأدب الحديث في العراق، ثم شبَّت الحرب بين الإنجليز والعراقيين فصرفني أُوارها عمّا أريد، وسأعود لإتمام تلك الدراسات حين تصفو السماء، وأجد عن هدوء البال ما أستطيع به النظر من جديد في خصائص الأدب العراقي الحديث. وإنما نصصت على التاريخ لأن القلم تحدَّث في هذا الكتاب عن رجال مصريين أو عراقيين تغيَّر فيهم رأيُ مصر أو رأيُ العراق، وما يسمح أدبي بمحو أقوال كانت عند صدورها مقبولة كل القبول، وإن صنع الدهر بها بعد ذلك ما صنع، فإثباتُها في هذا الكتاب من صور النزاهة العلمية، والنزاهةُ العلمية من أشرف تقاليد هذا الجيل ولا يتأذَّى بها إنسانٌ رُزِق مَثقال ذَرَّة من حصافة العقل أو طهارة الفؤاد.