-
/ عربي / USD
أدرك العلماء أهمية التراجم فمضوا يؤلفون ويرتبون ويبوبون واجتهدوا ليرسموا لوحة صحيحة واضحة لأولئك الرجال بعلمهم وحياتهم وربما بمشاعرهم وعواطفهم أيضاً.. لوحة مكتملة معبرة توضح من خلالها مثلاً كيف كان أصحاب أبي حنيفة أو الشافعي أو غيرهم، وفي أي زمن ازدهر هذا المذهب أو ذاك ومن كان يهتم بالتأليف أو من كان له رأي من الآراء أو فتوى من الفتاوى. وأيضاً فإن علماء المذاهب الأربعة خدموا رجالهم فألف كل جيل حلقة واجتمع من الحلقات سلاسل متتابعة تترجم لطبقات كل مذهب وتعين على تاريخ له، فإذا استعرض الباحث ما ألف عن الحنابلة، وجد كتباً من لدن عصر أمام المذهب الى اليوم.. فما التطورات التي طرأت على الحنابلة؟ وما الصفات العامة التي لونته؟ وكيف كانت تقلبات الأيام خلاله؟ وهذا الكتاب "النعت الأكمل" يجيب عن هذه التساؤلات، ويتعرف القارئ من خلاله على كثير من المواطن التي توضع فيها الحنابلة وترددوا اليها ونشروا علومهم فيها، فالقدس علافتهم وكثيرون منهم ينتسبون إليها وهم المقادسة وكذلك كان لهم مستقر في نابلس وما حولها وفي بعض القرى الفلسطينية.. ومن هؤلاء فئة هاجرت الى دمشق هروباً من ظلم الفرنج سنة 551هـ ونشر وافياً مذهبهم ومدارسهم. نزلوا أولاً في مسجد أبي صالح قرب الباب الشرقي، ثم لما ساءهم المكان نزحوا لى جبل قاسيون وأسسوا فيه دير الحنابلة، وانتشر العمران بسببهم وعمت المدارس فسميت المنطقة بالصالحية نسبة لصلاحهم أو نسبة الى مسجد أبي صالح الذي نزلوا فيه أولاً... وهكذا. وقد ألف الحنابلة كتباً كثيرة في الطبقات والتراجم، منها ما هو شامل لعلماء المذهب عامة ككتب الطبقات، ومنها ما أفرد لعلماء معينين كتلك التي صنفت في ترجمة الإمام أحمد وأصحابه مثلاً. وأما منهج المؤلف الغزي في كتابه هذا، فقد قسم تراجمه الى طبقات مرتبة حسب الوفيات فجعل كل طبقة خمساً وعشرين سنة، فجاءت عدة طبقاته ثلاث عشرة طبقة ولكن الطبقة الأخيرة توقف فيها المؤلف عند سنة 1207 وكان المفروض أن تنتهي عند سنة 1225. هذا وتم استهلال المخطوط بترجمة الإمام أحمد رضي الله عنه وذكر محنته مع المأمون والمعتصم. وجاء الكتاب محققاً حيث قام المحقق بضبط النص وتخريج الآيات القرآنية والأماكن وشارحاً بعض الاصطلاحات المستعملة، ومحيلاً الترجمات الى مصادر كان المؤلف اعتمد بعضها والى أخرى لم تقع تحت يده. ولما كان الكتاب قد تجاوز الطبقتين التاسعة والعاشرة، فقد رأى المحقق أن يستكمل ربطاً للسلسلة وإتماماً للعمل، وقد وفق الى بعض تراجم قليلة لم يذكرها الغزي، فأنزلها في مكانها ضمن الطبقات، واضعاً التراجم المضائة بين معقوفتين مع التنويه بذلك في الحاشية. وبالإضافة الى ذلك فقد مضى المحقق في تراجم الحنابلة فبدأ من حيث وقف الغزي مع تراجم 1207 معتمداً على المصادر التي وقعت بين يديه، محيلاً كل ترجمة الى مصدرها. واحتراماً لنهج الكتاب وطريقته ومؤلفه، فقد سار المحقق على الخطة التي سار عليها ليكون روحاً واحدة وكلاً منسجماً.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد