من كتاب العلوم الاجتماعية وحوار الحضارات رؤية للمستقبل لم يكتب في دور العلوم الاجتماعية في حوار الحضارات، وتحديداً في العلاقة بين العرب والغرب، ون... ظرة كلٍّ منهما إلى الآخر. ظلَّ هذا الموضوع مهملاً، أو منسياً على المستوى العربي، بالرغم من أهميته للتفاهم والحوار...
من كتاب العلوم الاجتماعية وحوار الحضارات رؤية للمستقبل لم يكتب في دور العلوم الاجتماعية في حوار الحضارات، وتحديداً في العلاقة بين العرب والغرب، ون... ظرة كلٍّ منهما إلى الآخر. ظلَّ هذا الموضوع مهملاً، أو منسياً على المستوى العربي، بالرغم من أهميته للتفاهم والحوار الحضاريَّين. ويعود ذلك إلى تقصير علومنا الاجتماعية العربية، فهذه نفسها لا تتوفر لديها بعد رؤية لذاتها وموضوعها، فما بالك عن غيرها، علماً بأن فهم الـ(أنا) شرط لفهم الآخر. أما على المستوى الأوربي فقد كانت العلوم الاجتماعية الأوربية الكلاسيكية والحديثة تعبيراً عن هوية مجتمعها، ومطبوعة بطابعٍ قوميٍّ محلي خاص، وأوربي مسيحي وفلسفي عامّ، وتحمل في طياتها عموماً نظرة سلبية للعرب المسلمين، ورثتها عن الحروب الصليبية والاستشراق والأنثروبولوجيا، وعن التاريخ الإشكالي والاستعماري المتأزم بين العرب والغرب، باعتبار "التاريخ معمل حي للعلوم الاجتماعية". وقد ترسخت هذه النظرة في العقل الباطني والجمعي، فأصبحت لا عقلانية ونمطية، تتوارثها الأجيال كمسلَّمات. وتقوم هذه الرؤية على تفوق الغرب على العرب، دينياً (الاستشراق، وماكس فيبر)، أو عرقياً (دارون)، أو اقتصادياً (ماركس ونظرية الإنتاج الآسيوي)، وحضارياً (هنتنغتون). وقد تعززت هذه النظرة من خلال الأدب الشعبي، الذي يغذِّي الذاكرة الشعبية، كما في رواية الألماني ((Karl May، (1842- 1912)، "عبر للصحراء"، وغيرها، المفعمة بالمزاعم والصُّور النمطية؛ إذ وصف العرب بأنهم أشرار، وقد غذَّى هذا الأدب الشعبي الكراهية الأوربية ضد العرب. "فالعلاقات بين الثقافات غالباً ما تكون منسوجةً من خيوط الوجدان المتخيل".