-
/ عربي / USD
يتحدث عن دمشق مهوى الأفئدة ومأوى عشاقها والمهاجرين إليها، وأصحاب الرحلات العابرة إليها لسماع الحديث أو حضور حلقات الشيوخ.
ويبحث في قدوم المقادسة إليها زمن السلطان المجاهد نور الدين محمود زنكي بعد رحلة إليها محفوفة بالمخاطر فكرمهم وقربهم. ونزلوا في مسجد أبي صالح بالباب الشقي فلم يناسبهم.
وأخذ أمير القافلة الأولى منهم الشيخ أحمد بن محمد بن قدامة الجمّاعيلي يبحث عن مكان مناسب فوجده في سفح جبل قاسيون بمحلة الصالحية اليوم، وكان السلطان نور الدين يجلهم ويزورهم.
وتولى بعد وفاة الشيخ أحمد أمرهم ابنه العالم المتضلع بالفقه الحنبلي المجاهد مع السلطان نور الدين ضد الفرنجة الصليبيين، وأسس جامع الحنابلة والمدرسة العظيمة في المسجد الكبير في سفح قاسيون الذي تخرج فيه مئات العلماء.
كما أنشأ المدرسة العمرية بالصالحية التي كانت أشبه بالجامعات الكبرى اليوم، حتى كانت الرحلة إليها مما يتنافس فيه طلاب العلم الذين غدوا من كبار العلماء.
وكان لا يقبل فيها من الطلاب إلا من اتصف بصفات معينة يفصل منها إن أساء، وكان المحسنون يقفون عليها الأوقاف الدارّة، وكانت تضم نفائس المخطوطات، وزاد في أهميتها انضمام مكتبة المدرسة الضيائية لها. وكان قد أنشأها العالم المحدث المؤرخ ضياء الدين المقدسي. وكانت مدرسة مخصصة للحديث الشريف وتخرج فيها أكابر العلماء.
كما أنشأ نظام الدين المقدسي دار الحديث النظامية، فكان فيها مكتب (كُتّاب) للأيتام ورواق للنساء وفيها مرافق. وكل هذا بفضل المقادسة الحنابلة الذين حلوا في دمشق وهاجروا إليها وكان لهم فيها مآثر ونهضة واسعة.
وجاءت أحداث القرن الرابع عشر الهجري فأقفرت هذه المدارس من طلابها ونهبت أوقافها وسرقت مخطوطاتها، ويحاول بعض المعماريين اليوم إحياء ما يمكن من خرابها الداثر.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد