لا يمكن أن نغالي إذا قلنا أن هذه الدراسة في الثقافة الأردنية المعاصرة تعتبر من أكثر الدراسات التي ظهرت في تاريخ الثقافة العربية في الأردن وفلسطين ... أو بلاد (ضفتي النهر المقدس)-كما يحب أن يطلق عليها شاكر النابلسي-جرأة وشجاعة وجدية. لجأ الناقد في هذه الدراسة إلى تقسيمها ثلاثة...
لا يمكن أن نغالي إذا قلنا أن هذه الدراسة في الثقافة الأردنية المعاصرة تعتبر من أكثر الدراسات التي ظهرت في تاريخ الثقافة العربية في الأردن وفلسطين ... أو بلاد (ضفتي النهر المقدس)-كما يحب أن يطلق عليها شاكر النابلسي-جرأة وشجاعة وجدية. لجأ الناقد في هذه الدراسة إلى تقسيمها ثلاثة أقسام: نقد ثقافة السلطة، ونقد سلطة الثقافة، واستشراف مستقبل الثقافة. وفي هذه الأقسام الثلاثة، يحفر شاكر نابلسي، ويشرح، ويكفك، ثم يعيد تركيب المفاهيم السائدة.
إن القضايا الحساسة الكثيرة التي أثارتها هذه الدراسة، تجعل منها دراسة نقدية جدلية، تفتح أبواباً كثيرة للنقاش، وتدعو المثقفين لمد جسور الحوار مع طورحاتها الكثيرة، والمختلفة، والمثيرة للدهشة والمغامرة والدراسة تشكل في مجملها علامة كبيرة فارقة في النقد العربي للثقافة العربية السائدة في بلد كـ"ضفتي النهر المقدس" له تميزه، وخصوصياته، وأهميته العظيمة بالنسبة للثقافة العربية والثقافة الإنسانية كذلك، وهي تنير-نقدياً-كثيراً من مشاعل هذه الثقافة بعقل مستنير، وذهن متوقد، وبصيرة نقدية نافذة وخلاقة، ومتابعة دقيقة حريصة وشاملة.
لقد حاولت هذه الدراسة من خلال منهاجها النقدي أن تشرح وتحلل النظام الثقافي السائد على ضفتي النهر المقدس، ما استطاعت إلى ذلك سبيلاً، إلا أنها لم تكتف بهذا التشريح والتحليل، وإنما كرست جزءاً كبيراً منها لإعادة تركيب، وإعادة صياغة القيم الثقافية المطروحة على الساحة الثقافية العامة. فمقياس نجاحها مرهون بتوفيقها في إعادة التركيب من جديد وليس بتحليل التركيب القائم.