الكتاب الذي بين أيدينا حصيلة سنوات طويلة من البحث والدراسة والتحليل قام بها الكاتب والروائي العراقي سليم مطر في إطار بحثه المتواصل عن الهوية العراقية ومشكلة الفئات الأقواميّة والدينية المشكلة للمجتمع العراقي.

جمع المؤلف في كتابه بين الجانب الدراسي الموثق والجانب الصحفي الجدالي. وهو يدعو إلى الأخوة التي تقوم على أساس الصراحة وحب الحقيقة ونبذ التعصب فيطرح في الفصل الأول مشكلة الفئات المحلية في العالم العربي وغياب دور المثقفين ومشكلة التربية اللاوطنية التي أدت إلى هذه الانقسامات في المجتمع العراقي. إذ يعتبر العراق نموذجاً للتشويه والتقصير الذي مارسته النخب الثقافية والسياسية التي كانت سائدة في المجتمع بينما يتعرض في الفصل الثاني للبحث في تاريخ الشعوب الكردية في المنطقة والفوارق بين هذه الشعوب، وأصل الأكراد والمذابح التي تعرض لها السريان من قبل الأكراد والأتراك على مر العصور كما يكشف عن جانب مهم من تاريخ العلاقات الإسرائيلية البرزانية وإسهامات الموساد في تأسيس جهاز المخابرات الكردية البارستن برئاسة مسعود البرزاني.

أما الفصل الثالث فهو لبحث تاريخ الحضور التركماني في الشام والعراق وعموم الشرق الأوسط ومشكلة كركوك وحقوق ومطالب التركمان التي أغفلها الدستور العراقي. وفي الفصل الرابع يلقي الضوء على تاريخ السريان ومعاناتهم في المنطقة بينما يتحدث في الفصل الخامس عن اليزيديين وتاريخهم والتشويهات والخرافات التي طالب هذه الطائفة العراقية العريقة، إذ يمثل اليزيديون خلاصة الميراث العراقي وهم يحتفظون بداخلهم بجميع الميراثات الدينية واللغوية التي عاشها العراق ومنطقة الموصل بالذات. ويخلص المؤلف في الفصل السادس إلى جملة من المقترحات حيث يدعو إلى إحياء الهوية الوطنية العراقية استناداً إلى مجموعة من المبادئ مثل الوطنية بدلاً من القومي والتعامل الشمولي والمتساوي مع جميع الفئات، ووضع استراتيجية وطنية للتنوع الثقافي واللغوي والمذهبي.