عندما تجاوز ابن خلدون، في مقاربته للتاريخ، الفهم الرومانسي العجائبي، الذي ما زال يطبع العقلية العربية، فإنه قارب السنن والقوانين الثابتة والفاعلة ... في حركة العالم بين ماض وحاضر. (ولن تجد لسنة الله تبديلا..). هكذا فإن فهم التاريخ، في إطار العقلية الخلدونية، يعني اكتساب قدرة...
عندما تجاوز ابن خلدون، في مقاربته للتاريخ، الفهم الرومانسي العجائبي، الذي ما زال يطبع العقلية العربية، فإنه قارب السنن والقوانين الثابتة والفاعلة ... في حركة العالم بين ماض وحاضر. (ولن تجد لسنة الله تبديلا..). هكذا فإن فهم التاريخ، في إطار العقلية الخلدونية، يعني اكتساب قدرة أفضل على فهم العالم الجديد، الذي لم يتكيف العرب معه بعد، فما زالوا يتعاملون، كارثياً، مع واقع العالم شعراً.
وهذا ينقلنا إلى المحور الثاني في نطاق هذه الدعوة لإعادة تأسيس الثقافة العربية، فالشعر ديوان العرب، ولكن النثر لغة العصر، ولا جدال في أن الشعر حاجة إنسانية، وجدانية وجمالية، وهذه ليست دعوة لطمسه، لكنها دعوة إلى إعادة التوازن في ثقافتنا بين الوجدان والعقل. ولم تعدم العربية نثراً فكرياً راقياً تعد مقدمة ابن خلدون من أبرز نماذجه إلى جانب كتابات الجاحظ والتوحيدي والفارابي وابن طفيل وابن حزم... الخ.
وعليه فإن تأسيس نثر عربي حديث يستمد منه الشعر العربي المعاصر لغته الحية، من شأنه أن يحرر الجانبين من مأزق "قصيدة النثر" التي وصلت إلى طريق مسدود.
واللافت أن شعراء بارزين كأدونيس وغازي القصيبي وأحمد عبد المعطي حجازي يعبرون اليوم نثراً عن أعمق مكنونهم.