-
/ عربي / USD
إن الفكر العسكري أو التقليدي يعمل على حشد الحيوية الفردية في أقنية محددة، وأخمادها بالرئاسة المألوفة، كما يعمل على ربط القيادات الميدانية، والقيادات الصغرى بشكل خاص، بخيوط غير مرنة تكتم مبادءاتها الذاتية. وهو يعني، بالتالي دفع الزخم القتالي في أقنية ضيقة نسبياً. وأخطر ما في ذلك هو دفع الزخم في نطق عمل لها العدو ألف حساب. ولعل أقدم السبل إلى تخطي هذه العقبة فتح بابين باب يدخل منه ما هو بناء من نقد وتوجيه، وتخرج منه "العنجهية" العسكرية التي ترى في النقد والتوجيه انتقاصاً من هيبة البذة العسكرية ومساساً بكرامة الرتبة، وتترجمها إلى خيانة تستوجب الرجم في أبسط الأحوال والاعدام في أعقدها.
ويفتح باب آخر تدخل منه الأفكار الجديدة الناشئة منها والمتطورة. إن لحفظ السر العسكري طرقاً أجدى من تخوين المدني، وان الكفاءات لا تقاس بالرتب، ولا حتى بالأعمار. ومن هذين البابين يمكن أيضاً التماس الطريق إلى خروج الانفصام الاجتماعي بين المؤسسة العسكرية والكفاءات الفكرية التي ترتدي ثياباً مدنية التخلص من تفشي روح التقوقع الرتبي وإعادة العلائق العسكرية باتجاه الموضوعية المطلقة. ويمكن اعتبار محتوى هذا الكتاب لفتة نحو هذه المفاهيم، فيه استعراض تاريخي مدروس، وفيه تحليل، منطقي في معظمه، وغني بالفائدة، وفي هذا الكتاب أيضاً نقد بناء،وقد أفاد مؤلفه فعلاً حيث عمل على استحضار التاريخ كشاهد على أن البداهة والجرأة هما مفتاح النص. وبرهن على أن الفكرة السلبية ستزهر ثم تثمر، مهما واءها أو إهمالها من قبل "الأوفياء" للرتابة والمتمسكين بكل ما هو تقليدي وقديم هذا وأن أهم ما في هذا الكتاب، بيانه المعزز بالوقائع لمدى التأثير، بل التفاعل على المتبادل.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد