-
/ عربي / USD
في روايته "المهجّرون" يجمع الكاتب محي الدين قندور بين حقلين معرفيين، هما التاريخ والأدب، في علاقة جدلية تجعل من التاريخ الشركسي مادة أولية للأدب الروائي، وتجعل من الرواية شهادة أدبية على مرحلة تاريخية حرجة عاشها المهجّرون من قرى جبال القفقاس أثناء الإستعمار الروسي في القرن التاسع عشر.
في هذه الرواية يرصد قندور تحولات سياسية، وإجتماعية، وعائلية، تختص بالحرب الروسية القفقاسية بما فيها ترحيل الشراكسة إلى تركيا العثمانية. في الوقائع التاريخية يقول الروائي "على إثر اكتساح القفقاس الشمالي، قامت الأمبراطورية الروسية بتطبيق سياسة إخلاء القبائل الشركسية الباقية على قيد الحياة من مناطقهم التاريخية وأراضي أسلافهم. أنيطت مهمة سوق السكان المتبقين خارج حصونهم الجبلية بالجنرال الروسي إيفدوكيموف، ليواجهوا النفي أو الإستقرار حول نهر الكوبان حيث كانت السيطرة في ذلك الوقت للقوزاق. ثم تطبيق هذه السياسة بالقوة بواسطة قوات متحركة من المشاة الروس والفرسان القوزاق ...".
هذه الأحداث يدخلها محي الدين قندور في نسيج روائي يشكل الواقع (الحقيقي) بعض مكوناته، فكأننا إزاء رواية لجريمة ضد الإنسانية، رهيبة ومنسية، وجاء من يُذكر بها، من خلال عمل (روائي) مؤسس على سجلات أرشيف موجودة وبعض الشخصيات الحقيقية لتلك الحقبة من قادة وعسكريين وضحايا.
إن تصوير قندوس للروس حيوي وشامل. فبينما يصف الشخصيات التاريخية، مثل القائد الميداني نيقولاي إيفدوكيموف، على أنه من أدوات الإستعمار الروسي الوحشية، والتي غالباً ما تتجرد من الإنسانية، يتم إظهار روس آخرين وهم يتنازعون مع ضمائرهم وسط استمرار إبادة سكان شركسيا. فيقدم الروائي في شخص "تيموفيه دينيكين" ملامح رجل روسي تنتصر عواطفه وإحساسه بالعدالة بشكل حاسم على الدعاية للقفقاس، والتي أخضع الروس لها اثناء الحرب. إلى ذلك، يركز الروائي في سرده على الأفراد (الضحايا) أثناء التهجير ويصف معاناتهم وألمهم ويومياتهم وجنائزهم ما يعني أن التاريخ يعيد نفسه في كل زمان ومكان، وفي عالم اليوم أكثر من مشهد ... وكما يقول الروائي "التاريخ لا ينسى ولا يرحم".
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد