لم يعد الذين تنظرون عموده اليومي في جريدة "الرأي" يفعلون ذلك، ولم يعد الذين ينتظرون رواية جديدة له كل سنة يطيقون انقطاعه الطويل، خصوصاً وإن كل روا... ية من رواياته ما أن تصدر حتى تبدأ نقاش ساخن لما تحمله من إشكالات وأسئلة مقلقة تتطلب إعادة القراءة والتأمل لإدراك ما تتضمنه. ...
لم يعد الذين تنظرون عموده اليومي في جريدة "الرأي" يفعلون ذلك، ولم يعد الذين ينتظرون رواية جديدة له كل سنة يطيقون انقطاعه الطويل، خصوصاً وإن كل روا... ية من رواياته ما أن تصدر حتى تبدأ نقاش ساخن لما تحمله من إشكالات وأسئلة مقلقة تتطلب إعادة القراءة والتأمل لإدراك ما تتضمنه.
الآن بعد مرور سنة على غياب مؤنس الرزاز، تأكد الجميع أن هذا الغياب كامل ونهائي.
لقد اصبح غياب مؤنس، إذن باتا لا يحتمل مراجعة أو إعادة نظر، وهنا يبدو هذا الغياب قاسياً ويشكل خسارة كبيرة، لأن الكاتب كان ينضج ويقدم كتاباً بعد آخر، سنة بعد أخرى، وبالتأكيد كان يتوقع منه الكثير خصوصاً الكتابة عن عمان والتي تحتاج إلى من يكتب عنها، لأنها تمثل نموذجاً للمدينة التي لا تعرف كيف تقف على قدميها وتتقدم إلى الأمام.
كان مؤنس خلال مراحل متعددة يقترب من موضوعاته اقتراباً محاذراً، إذ لا يريد أن يدخل في مواجهة مباشرة مع هذه الموضوعات وإنما كان يداورها برموزها، أكثر مما ينبغي، يقترب منها ويبتعد بالمقدار نفسه، انتظاراً لوقت يقول فيه كلمته المكتملة المتألقة وبظنه أن ما سيأتي من الأيام أكثر مما مضى، لكن غدر الحياة لا يتوقف. وهكذا في لحظة مفاجئة هجم الموت واختطف هذا الكاتب الذي لديه الكثير، وأخذ مؤنساً بعيداً، ولذلك فإن الشعور بغيابه بعد مرور سنة أكثر قسوة مما كان في الأيام المماثلة من السنة الماضية ولعل العزاء الوحيد الذي نملكه الآن أن نعيد قراءة ما كتب، وأن نتأمل رواياته وحياته لنخرج بالدروس والعبر في الوقت المناسب... وقبل فوات الأوان.