-
/ عربي / USD
في الخلاء، وفي المقابر تدرك سر عظمتك.. كانت العظام البالية ترحب بي، وقد برزت من فجوات القبور المفجورة بفعل السيل، أو مخالب الكلاب التي لا تمل من نبش هذه القبور الرثة.. حتى الكلاب تجرؤ على مضغك، وأنت ممدد هكذا!! كانت بقايا سيقان، وأذرع وجماجم متناثرة بفناء المقبرة.. آه تلك المقامات التي كانت في يوم ما شامخة ها هي اليوم نهب للأقدام، وحوافر البغال!!.. هنا تأمر فلا يطيعونك، ويأمرونك فلا تجيب.. هم يبكون من التراب الذي ران عليهم، وأنت تبكي من أسواط السادة التي تسكن جلدك في كل لحظة.
حاولت بقدر الإمكان تجنب دعس تلك العظام المبعثرة في كل مكان، وكانت محاولتي تحتاج إلى الكثير من الحرص، والإنتباه.. توجهت مباشرة نحو قبرها الذي لا زال طرياً، وسلمت عليها
- أنا درويش يا جدة.
أنفرج القبر، ورأيتها تضحك حتى كاد آخر سن أن يسقط، فوضعت يدي على لجج الرمل، المنبعث من القبر.
- لا تفزعي يا جدة.. أنا درويش.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد