-
/ عربي / USD
ترك لنا شكسبير ألغازاً كثيرة حول حياته وشخصيته ومسرحياته العظيمة، وترك لنا ألغازاً أخرى حول أثر له هو من أروع ما في اللغة الإنكليزية من شعر: السونيتات وما زال الدارسون، جيلاً بعد جيل منذ أواخر القرن الثامن عشر، يمعنون النظر في هذه القصائد، ويؤخذون بفتنها وبكثير من إشاراتها الغامضة، فيتكهنون ويدعمون تكهناتهم بعلم كثير وخيال أكثر، ويخرجون بنتائج لم تنته التناقضات فيما بينها حتى الآن. من إشكالاتها الكثيرة، والأساسية، أنها قصائد موجهة في القسم الأول منها، وهو الأكبر إلى شاب فتيّ وسيم ينصحه الشاعر بأن يتزوج وينجب الأولاد لكي يخلّد جماله في ذريته. ثم ينصرف الشاعر عن هذا الموضوع إلى التغني بحسنه، وتعلقه به، ووعده بالخلود في قصائده هذه. وفي القسم الثاني من السونيتات، ويشمل في الأصل الثاني والعشرين، سونيته الأخيرة، يوجه الشاعر قصائده إلى امرأة سمراء كثيراً ما يصفها بالسواد، زيادة في تعذيب نفسه، لأنه مجنون بها، تصله، وتخونه، وتعذبه، ويغفر لها خطاياها معه كلها وأمعاناً في الأشكال، تدل القصائد على أن السمراء الساحرة هذه، وهي أصلاً متزوجة، تغري الشاب الفتي الذي تعلق به الشاعر ونظم فيه سونيتاته الأولى، لكي تبعده عنه، وهكذا تخون عاشقها مع الشخص بالذات الذي هو لديه أعزّ أصدقائه وهذا كله يوحي بأن السونيتات لم تكتب بدافع تجريدي، كما قد يكتب بعض شعراء الغزل، بل أنها سجل لتجربة حقيقية كان فيها شكسبير مكابداً لآلام عشق غريب، جعله ينظم هذا العدد الكبير من القصائد، ويشحنها إشارات وتوريات ورموزاً تربط بينها وبين المعنيين فيها، ولكنه يحوّلها إلى ما هو أشبه بكهف يضع فيه سرّه فيحاول الناس أن يدخلوه بشيء من الفهم، لعلهم يدركون المزيد من غوامض المتعة في أبياته المذهلة. وإذا كان لسونيتات شكسبير أن تعرف في اللغة العربية، فكان أن اختار جبرا إبراهيم جبرا أربعوناً من هذه السونيتات هي ليست فقط الأروع بل الأهم أيضاً. وقد عمد إلى نشر كل سونيتة ترجمتها إزاء نصها الإنكليزي، ذاكراً في الأسفل رقمها التسلسلي في النص الأصلي. ومرفقاً صفحات الكتاب برسوم عبّرت بشكل أو بآخر عن شيء من معاني هذه السونيتات.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد