كانت جولي قد بلغت متجر جورج، الذي تخلى عن سخطه واحتجاجاته تلك كي يتهجاها قبل أن تبتدره -صباح الخير ما مستر جورج. -مرحباً يا جولي، كي... ف أنت؟ -أريد بعض الخبز وعلب الطعام يا جورج. آه.. وزيت طهي لو أمكن. -يبدو أن معك ضيوفاً؟ -..إذن؟ أجابها جورج بعد أن مسح ذقنه بساعده، كأنه سيضيف...
كانت جولي قد بلغت متجر جورج، الذي تخلى عن سخطه واحتجاجاته تلك كي يتهجاها قبل أن تبتدره
-صباح الخير ما مستر جورج.
-مرحباً يا جولي، كي... ف أنت؟
-أريد بعض الخبز وعلب الطعام يا جورج. آه.. وزيت طهي لو أمكن.
-يبدو أن معك ضيوفاً؟
-..إذن؟
أجابها جورج بعد أن مسح ذقنه بساعده، كأنه سيضيف إلى وجهه بتلك الحركة ملمحاً سيجعله مهماً
-لماذا تحقدين عليّ يا جولي؟
-لن أبدد عمري كله في منعك من التطفل. لماذا لا تكف أنت عن فرض نفسك عليّ؟
-على الأقل بيننا معرفة.
-ولكنك تريد تطويرها إلى وصاية.
-أنت تتعمدين إهانة إذن إن كانت تهمك.
-ولكن لصالح من؟ ذلك الرجل المختل...
فركت جولي خاتمها كعادتها في الغضب، ثم قالت له بطريقة تهتم بكل كلمة على حدة
-جورج، لو قصدت المحطة لكنت الآن قد أتيت بأغراضي من المكسيك.
تلّفت جورج حوله بضياع مستنفر ثم زفر مجيباً
-فليكن.. هاهي الأغراض، ولكن سيبقى ذلك الرجل...
لم تنتظر جولي لتسمع تعريف جورج لذلك الرجل. فقد أخذت حاجياتها وأسرعت مبتعدة قبل أن تلفظ كلمة شكراً كقطعة علك متسخة.
الغيظ جعل جورج يعتصر أنامله ويدلكها ببعضها البعض كأنما يسعى لإخراج حرقته عن طريق أظافره. هو لا يرغب فيها بالفعل كما توحي حركاته، ولكنه أيضاً لن يتركها دون أن لا يرغب فيها كلية. هو يريد أن يكون له ألبوم مأساوي ومجموعة فوتوغراف مع الآخرين. هذه في حد ذاتها هواية وديانة. أن تحب الناس كما لو أنه يتم الحصول عليهم من أستديو، وللقلب أيضاً وثنيته.
أخذ جورج يتحسس عينيه الضحلتين نوعاً ما فلمس بداخلهما أرداف فيل. هذه كاثرين قادمة بزيغها ووقاحتها المعهودة. ابتدرته قائلة وبذكائها الذي هو أقصر من أني ربط ساقي دجاجة لبعضهما البعض
-التصابي يضر بالصحة يا عجوزي الأصلع.
لاك جورج أسنانه قليلاً ثم قال لها بصوت ناقم
-عجوزك الأصلع؟ أنت يا كاثرين صلعاء بداخل رأسك وليس فوقه. ولو كان هناك عجوز مترمم واحد فهو أنت. قولي ما تريدينه يا غبية كي تغوري من هنا.
حركت كاثرين صلبها الضخم بحركة صبيانية، في محاولة لإظهار تراث محاسنها قبل أن تجيبه بصوت شامت
-ما أريده هو راحتك. ركضك وراء الطفلات هذا لن يلحق إلا بنوبة قلبية.
الحقيقة أن جورج لم يكن عجوزاً، بل لم يكن ليتجاوز الثلاثين بكثير، ولكن كاثرين تصر دائماً على أن تجعل منه عجوزاً كي يناسبها".
رواية عن علاقة الحب والموت على تخوم أبدية تفجرها الموسيقى بطاقتها المذهلة، وتفتح لشخوص العمل مسارب شتى إلى مصائر مختلفة. كاتب سوداني وفرقة موسيقية أمريكية. رواية تعتمد تقنيات سردية تتميز بكثافتها وشاعريتها. يتجاور هنا، في هذا العمل، الطيش مع الحكمة، ورفات الفرح بنزفها الأعلى مع عتمة الداخل الإنساني.. ثمة، في هذا العمل، خلاء شاهق يشرف معه أشخاص الرواية على مدينة في الهاوية. الموسيقى وحدها هي المنقذ من الرعب الذي يطبق على الإنسان.