-
/ عربي / USD
الأستاذ يوسف العاني كاتب مسرحي وفنان من طالما استقبل الجمهور العراقي مسرحياته التي قدمها بمنتهى الإعجاب والسرور. وهو لا يلجأ لإثارة إعجاب الجمهور وبعث البهجة فيه إلى هذا الأسلوب الأخير الذي تحدثنا عنه، وإنما يتغلغل في الحياة العراقية وينتزع منها صوراُ رائعة قوية مظهراً تناقضاتها الغريبة بشكل قوي مؤثر يثير الضحك والاستنكار في آن واحد، وهكذا يعطي يوسف العاني مثلاً ساطعاً على قول غوغول من أن التمثيل الهزلي عرض لحالة وحكم عليها.
فهو يعرض صوراً من الحياة العراقية فيثير في الجمهور الضحك عليها والسخرية منها لأنها تظهر غريبة غير منسجمة مع المنطق والعقل. ولكي يفعل ذلك، لا يلجأ إلى البحث عن الصور الغريبة الشاذة، وإنما يختار صوراً من الحياة المألوفة التي نراها كل يوم فيعرضها عرضاً يتوخى فيه إبراز جوانبها المثيرة دون أن يكلف نفسه عناء البحث وراء الصور الغريبة، ولعل إبداع الفنان يبدو في هذا التحسس المرهف بمظاهر الحياة التي تحيط به واختيار جوانبها المؤثرة. وقد ترتب على هذه الطريقة في اختيار الموضوعات المسرحية أم هام، هو أن الأستاذ يوسف استطاع أن يجعل من هذه الشخصيات المرتبطة بزمان ومكان معينين، شخصيات نموذجية لا تمثل أشخاصاً بذاتهم وإنما تمثل جوانب مختلفة من جوانب النفس البشرية وأو تيارات متباينة في تيارات الحياة يستوعب كل منها عدداً كبيراً من الناس. ومع ذلك فإنه لم يلجأ لكي يحثث هذه الغاية-أي لكي يجعل من شخصيات المسرحية نماذج حية-أقول أنه لم يلجأ لإعطاء هذه الشخصيات صفات عامة شاملة يجعلها تنطبق على عدد كبير من الناس. بل العكس من ذلك تماماً، فقد تعمق في تصويرها وأعطاها صفات جد مميزة فأكد خطوطها الرئيسة وأهمل الثانوية منها، دون أن يقوده ذلك إلى المبالغة والتهويل. فهو إذن لم ينقل الواقع كما تنقله آلة التصوير رغم أن موضوعاته واقعية جداً، وإنما ينقل الواقع كما تنقله آلة التصوير رغم أن موضوعاته واقعية جداً، وإنما اختبر هذا الواقع وتعمق في فهمه ورسم لنا أشد جوانبه أثاره ودقة وأصدر عليه حكماً قاسياً جعله موضوع السخرية والضحك...
في هذا الإطار كتب يوسف العاني ويكتب مسرحياته، عبر السنوات الطويلة التي كان ومازال المسرح هو المكان الذي يسعد ويحيا فيه من جديد. وهذا الكتاب يضم عشر مسرحيات اختارها العاني بنفسه من مجموعة مؤكداً من خلالها مراحل حياته المسرحية من حيث التناول الأسلوب، محددة بعشرين عاماً من الممارسة المسرحية التي عاشها حتى آخر مسرحية نشرت في الكتاب والتي جاءت تحت عنوان الجذابة أما باقي المسرحيات فجملت العناوين التالية: رأس الشليلة، فلدس الدواء. ستة دراهم، أنا أمك يا شاكر، المصيدة، جميل، أهلاً بالحياة، صورة جديدة، المفتاح، الحرية..
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد