تعتبر البحرين، رغم كونها دولة صغيرة من دول الخليج العربي، واحدة من البلدان التي تلفت انتباه المرء لشدّة ما يحتمل فيها من حراك اجتماعي، وما ينتجه أ... بناؤها من علامات تدلّ على العمق والحيوية وثراء التكوين الاجتماعيّ. لقد قدّمت البحرين للثقافة العربية المعاصرة عدداً كبيراً...
تعتبر البحرين، رغم كونها دولة صغيرة من دول الخليج العربي، واحدة من البلدان التي تلفت انتباه المرء لشدّة ما يحتمل فيها من حراك اجتماعي، وما ينتجه أ... بناؤها من علامات تدلّ على العمق والحيوية وثراء التكوين الاجتماعيّ. لقد قدّمت البحرين للثقافة العربية المعاصرة عدداً كبيراً من الكتّاب والشعراء والفنّانين لم تقدّمه أي دولة أخرى بحجمها، وبذا استطاعت أن تتجاوز عقدة "النفط"-إذا صحّ التعبير-وأن تؤكّده مرّة أخرى لنفسها ولنا أنّ الثروة الحقيقيّة هي الإنسان العربي البحريني نفسه، الذي لم يسرقه النفط من ذاته، ولم يشغله عن تأمّل الوجود والانخراط معه في علاقة حميمة.
وهذا الكتاب يكشف لنا عن جانب من جوانب النتاج الإبداعيّ في البحرين. إنّ فنّ الخطّ العربيّ، الذي لا نكاد نجد له ممثّلاً واحداً في بعض البلدان العربية، هو واحد من الفنون التي تشهد ازدهاراً حقيقياً في البحرين، وذلك أم ملفت للانتباه، فبعد أن حقّق الفنان التشكيلي الحبريني حضوراً مهماً على المستوى العربيّ نجد الخطّاط البحريني يقفز، بما يشبه المفاجأة، ليعبّر عن حضوره المتميّز أيضاً والجدير بالاحترام. وهذا الأمر لا ينمّ، فقط، على غنى الإبداع في البحرين، بل ينمّ أيضاً على أن ثمّة جمهورً يعنى بهذا الإبداع ويجعل له قيمة عليا في حياته ويرسّخ، بذلك، دوره العميق في صقل الوجدان وإعلائه وتحضيره.
لقد سبق للمؤلّف أن أصدر كتابين عن الخطّ العربيّ، أوّلهما "حرفنا العربيّ وأعلامه العظام عبر التاريخ" الصادر عام 1988، وثانيهما "الكوفيّ: أصالة وإبداع" الصادر عام 1990، وبذا يمكن القول إنّ المؤلّف ذو خبرة بهذا الفن لأنّه ذو اهتمام قديم به، كما يمكن القول أن أحداً لن يستطيع تغطية الحركة الخطيّة في البحرين بأفضل ممّا يستطيع كاتب بحريني له صلة مباشرة بموضوعه.
إن هذا الكتاب ليس مجرّد إضافة إلى المكتبة البحرينيّة. إنّه إضافة إلى المكتبة العربية جمعاء، ولا غنى عنه للخطّاط والفنّان والقارئ العربي أينما كان.