تتمثل براعة القاص في اختيار اللحظات المثقلة التي تتكثف فيها كل أبعاد التجربة، فكأنها بلورة صغيرة تعكس صورة العالم الكبير، أو "عينة نموذجية" كما يق... ول أصحاب علم النفس، لأشواق صاحبها وتوقه المشروع للاتصال بالعالم الذي حرم منه قهراًُ وقسراً، بما فيه من ضوء وأحبة وحرية (..)،...
تتمثل براعة القاص في اختيار اللحظات المثقلة التي تتكثف فيها كل أبعاد التجربة، فكأنها بلورة صغيرة تعكس صورة العالم الكبير، أو "عينة نموذجية" كما يق... ول أصحاب علم النفس، لأشواق صاحبها وتوقه المشروع للاتصال بالعالم الذي حرم منه قهراًُ وقسراً، بما فيه من ضوء وأحبة وحرية (..)، وثمة إحكام في المراوحة بين الواقع المعيش من ناحية، وذكريات الحرية ومستدعياتها من الناحية الأخرى، إلى جانب الاقتصاد في العبارة، والحساسية المرهفة في انتقاء الألفاظ التي تفجر الدلالة في الحديث الصغير، فتوسع من آفاقه، وترتفع به لمستوى أكثر إنسانية وشمولاً، وتؤكد الثقة بالإنسان، وجوانب الخير فيه، التي لا تقوى الجدران والحياة القاسية على حجبها.
وجه الامتياز أن ينجح القاص في "تفنين" تلك الخبرات المعذبة، وصياغتها على هذا النحو المندى بالفهم والتعاطف.
وراء أعمال إبراهمي صموئيل يمتد ظل يوسف إدريس، فمن الواضح أنه قارئ محب لمعلم القصة القصيرة الراحل، متأثر به.. لكن هذا هو التأثر الصحي، لو صح التعبير: أن يتمثل الخبرة التي قدمها يوسف، ثم يعمل على تجاوزها، وهذا ما تحقق في عدد كبير من قصصه.
فاروق عبد القادر