ليس هذا الكتاب سيرة ذاتية بالمعنى المعهود، ولكنه في ذلك يمكن أن يحسب من أدب السيرة الذاتية لما فيه من أحداث تسلسلت في حياة مؤلفته الدكتورة سيلفي ب... يدو. غير أن الغاية منه ليست مجرد عرض لحياتها أو لبعض أحداث منها، إنما الغاية منه أن يقدن لقرائه فرصة للغوص في بحر الروح...
ليس هذا الكتاب سيرة ذاتية بالمعنى المعهود، ولكنه في ذلك يمكن أن يحسب من أدب السيرة الذاتية لما فيه من أحداث تسلسلت في حياة مؤلفته الدكتورة سيلفي ب... يدو. غير أن الغاية منه ليست مجرد عرض لحياتها أو لبعض أحداث منها، إنما الغاية منه أن يقدن لقرائه فرصة للغوص في بحر الروح ليستخرجوا من أعماقه لآلئ الفهم، وليعودوا إلى الحياة بعد ذلك وهم أكثر إدراكاً لألغازها، وأكثر تناغماً مع أسرارها.
ذلك أن الحياة لغز من أللغاز، وتسلسل الأحداث فيها على كيفية خاصة تختلف من فرد إلى آخر هو سر من الأسرار. وقد كتب الفلاسفة والمفكرين آلافاً مؤلفة من الكتب في هذا الموضوع منذ بداية بحث الإنسان عن غاية وجوده في هذا الكون، وعرض كل منهم رأيه، وبنى فهمه على تجربته الخاصة، فاختلفت آراؤهم باختلاف تجاربهم، وكان لكل قارئ أن يستمد منهم ما يناسبه وما يضفي على وجوده معنى.
والدكتور سيلفي بيدو واحدة من هؤلاء الفلاسفة والمفكرين، لها إطلاع واسع على علم النفس، وتخصص في دراسة ما وراء الطبيعة. وقد عرفت ما في تجارب الحياة من نعيم وجحيم، وأدركت ما في تقلبات العمر من سراء وضراء. بحثت كما بحث غيرها عن معنى الوجود. وكثيراً ما وقفت كغيرها حائرة أمام لغز الحياة، بل إنها كغيرها وقفت طويلاً أما لغز الموت الذي كاد يغمرها ويفنيها. لكنها خرجت من أتون التجربة بعد أن انكشفت لها عن نور فياض قادها بإيمان وثقة إلى المعرفة والطمأنينة. لذلك كتبت هذا الكتاب لتمنح قراءها فرصة ليطلعوا على تجربتها، لعلهم ينتفعون منها فيقبلوا على الحياة بإيمان وثقة وينالوا منها المعرفة والطمأنينة.
ومما يذكر من صفات هذا الكتاب أن لغته شاعرية الأسلوب، وذلك أن لمؤلفته حساسية عميقة تدرك أن الشعر شعور بالروح قبل كل شيء، وأنه تعبير عن المشاعر الصريحة والمبهمة التي تنغلق عليها النفس. لكن المؤلفة لم تسمح لنفسها بأن يكون كلامها الشاعري غارقاً في العاطفية، بعيداً عن العقل والتعقل. فهي تعرف مسؤوليتها تجاه القراء، وتعرف غايتها من تأليف الكتاب. وعن عجيب أمرها أنها تنطلق بمنطق سوي في تحليل حياتها والتجارب التي خاضتها على الرغم من شاعرية أسلوبها.