تعتبر رحلة الغزي (1499-1577) عملاً أدبياً محكم الوضع بالنسبة إلى عصر موسوم بانحطاط الحياة الفكرية والثقافية. ولقد خلت كتابات الغزي من أي تصنع سجعي... أو تقليد بديعي. لقد أكسب الغزي رحلته هذه قيمة تاريخية كبيرة لما حفلت به من وقائع وأحداث عايشها بنفسه، فهو إذ ينقل لنا خبر انشغال...
تعتبر رحلة الغزي (1499-1577) عملاً أدبياً محكم الوضع بالنسبة إلى عصر موسوم بانحطاط الحياة الفكرية والثقافية. ولقد خلت كتابات الغزي من أي تصنع سجعي... أو تقليد بديعي.
لقد أكسب الغزي رحلته هذه قيمة تاريخية كبيرة لما حفلت به من وقائع وأحداث عايشها بنفسه، فهو إذ ينقل لنا خبر انشغال الدولة وأرباب الديوان بختان أولاد السلطان في القسطنطينية، وينقل خبر سفر السلطان إلى مدينة بروسا، وخبر تفشي الطاعون سنة 937هـ، إنما ينقل ذلك كله خلال إقامته في القسطنطينية.
وتعد الرحلة مصدراً مهماً من مصادر التراجم لكثيرة ما تذكره من أعلام أدباء وعلماء وأعيان وأمراء التقاهم الغزي خلال رحلته، وبعض تلك التراجم عزيز لم نصادف له ذكراً في ما وقع بين أيدينا من مصادر. أما من الناحية العمرانية والجغرافية، فيسهب الكاتب في وصف الأماكن والمساجد والعمائر التي مر بها والمزارات والمقامات التي زارها. وقد انفرد الغزي بذكر مواضيع كثيرة لم يتطرق إليها سواه ممن قصدوا بلاد الروم كابن بطوطة والخياري وكبريت.
لم يشأ الغزي أن يفصح عن السبب الحقيقي الذي دفعه إلى القيام بهذه الرحلة، غير أنه المح إلى أن ثمة عارضاً ألم به في دمشق الشام واقتضى منه أن يسافر إلى بلاد الروم.