-
/ عربي / USD
ثمة كلام طويل حول ماهية العقل والعشق والاختلاف فيما بين هذين الأمرين الأصيلين، وهناك دراسات كثيرة بهذا الشأن، ورغم ذلك ليس بالمستطاع القول بأن الحديث في هذا المضمار قد انتهى، أو أن ما يجب أن يقال قد قيل. ويصدق هذا الكلام على كثير من الأمور، إذ ليست قليلة تلك الماهيات والقضايا التي يدور حولها نقاش طويل منذ أقدم الأيام ولم ينته هذا النقاش حتى يومنا هذا، ومع ذلك تعد قضية العقل والعشق، مختلفة عن سائر القضايا الأخرى، والمشاكل على هذا الصعيد غير المشاكل المثارة على صعيد آخر، فالعشق والعقل ساحتان أساسيتان من سوح وجود الإنسان، وتعتمد عليهما ماهيته. فالإنسان هو الكائن الوحيد الذي حمل على عاتقه ثقل الأمانة المرهق، وتعد القدرة على تحمل هذا العبء الثقيل من آثار العقل والعشق معاً. فمثلما تتحقق عظمة الإنسان من خلال العقل والعشق، تتحقق سعادة أو شقاء الإنسان أيضاً في ظل هذين العنصرين. الملاحم العظيمة التي سطرها الإنسان بواسطة العشق، هي باعثة على الدهشة، كما أن الآثار الفكرية والثقافية التي أفرزها عقله، باعثة على الإعجاب والحيرة. وهنا لا بد من الإشارة إلى وجود أحاديث للمعصومين تقول بأن العقل هو المخلوف الأول والصادر الأول.
طبعاً هنالك أيضاً من يستند إلى بعض الآيات والأحاديث الأخرى للقول بأن العشق أساس الوجود، وأنه لولاه لما ظهرا لعالم. كبار أهلا لمعرفة تحدثوا بلغة العشق، وبلغة العقل. وظهر كنز المعنوية والثقافة عن طريق هاتين اللغتين. لذلك ينبغي التعرف على كلا اللغتين والاتصال بأولئك الذين تحدثوا بها. فالذي يقلب كتاب العقل لا بد أن يشاهد آيات العشق أيضاً. فهناك أمور كثيرة ينبغي مطالعتها في كتاب العقل، كما أن هناك أموراً أخرى لا يمكن إدراكها وبلوغها إلاّ عن طريق مشاهدة آيات العشق. ولا بد ضمن هذا الإطار من التنويه إلى أن عدداً كبيراً من أهل المعرفة وفي ذات الوقت الذي تحدثوا فيه بلغة العشق وعبّروا عن رسائلهم في قالب الشعر، لم يتجاهلوا لغة العقل أيضاً. فكثير من الأفكار الحكمية والفلسفية العميقة موجودة في الآثار العرفانية والتصوفية إلا أنها ظلت خافية على الكثير من أهل التحقيق. وقد استقطبت تلك اهتمام الدكتور غلام حسين الإبراهيمي الديناني، فكان منه أن تناولها من خلال كتابه هذا من خلال حديثه عن طبيعة التعامل بين الفلاسفة والعرفاء. ويمكن القول أنه ولربما تكون الحركة الفكرية ضمن نطاق الفلسفة والعرفان، أهم من بعض الجهات من تلك الحركة الدائرة ضمن نطاق الفلسفة وعلم الكلام.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد