الكتاب من تحقيق الدكتور سائد بكداش ومجموعة من المحققين. إن أعظم نعمةٍ امتنَّ الله تعالى بها على عباده، أن بَعَثَ فيهم رسولاً من أنفسهم، يتلو ع... ليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة، وخصَّ الله تعالى بصُحبته سادةً كراماً، كانوا هم أحقَّ بها وأهلها، فقاموا بحفظ هذه...
الكتاب من تحقيق الدكتور سائد بكداش ومجموعة من المحققين.
إن أعظم نعمةٍ امتنَّ الله تعالى بها على عباده، أن بَعَثَ فيهم رسولاً من أنفسهم، يتلو ع... ليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة، وخصَّ الله تعالى بصُحبته سادةً كراماً، كانوا هم أحقَّ بها وأهلها، فقاموا بحفظ هذه الدين وتبليغه ونَشْره في الأصقاع، وخَلَفهم علماءُ أتقياء، وفقهاءُ أصفياء؛ وكان على رأسهم: الفقهاء المجتهدون الأئمة الأربعة رضي الله تعالى عنهم، الذين خَدَموا الدين أعظم خدمة، وسار تلامذتُهم الأئمةُ على سَيْرهم في خدمة هذه المذاهب الأربعة، فقاموا بتحريرها وتنقيحها وتهذيبها، والعناية بها وبَذَلوا في ذلك الغالي والنفيس.
وكان من بين هؤلاء الأئمة الأعلام الإمام "أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الطَّحَاوي الشهير، صاحب المصنفات، المولود سنة 229هـ والمتوفى سنة 321هـ؛ ألَّف في مذهب الإمام "أبي حنيفة" وأصحابه كتاب "المختصر" الذي يُعتبر من أهم المتون المعتبرة المعتمدة في المذهب وأقدمها.
وقد جَمَعَ فيه خلاصةَ كُتُب ظاهر الرواية للإمام "محمد بن الحسن الشيباني" تلميذِ الإمام "أبي حنيفة النعمان"، ولمكانته العالية اهتمَّ كبارُ أئمة المذهب بتدريسه، وشَرْحه، والتعليق عليه، وكان من أهم هذه الشروح وأنْفَسِها روايةً ودرايةً: شرحُ الإمام "أبي بكر أحمدَ بن علي الرازي الشهير بالجصاص، المولود سنة 305هـ، والمتوفى سنة 370هـ الإمام البارع الفقيه الأصولي، المجتهد الألمعيِّ، المفسِّر المحدِّث، صاحب "أحكام القرآن"، وشارح كتب الأصحاب، الذي وهب نفسه لخدمة هذا المذهب.
وكان أعظم خدمة قدَّمها للفقه الإسلامي عامة، وللمذهب الحنفي خاصة، في تصانيفه عامة، وفي شرح مختصر الطحاوي خاصة: تدعيمُ أقوال أئمة المذهب بالأدلة الواضحة، والبراهين الساطعة، وذكْرُ مبانيها من الكتاب والسنّة والنظر، مع بيان وجه الدلالة منها، مما لا تجده عند غيره.
كلُّ ذلك جاء في هذا الشرح بشكل مختصر غير موسَّع، فقد قال مؤلفه الجصاص في مقدمته: "وأتحرَّى في جميع ذلك الإختصار والإيجاز" ولهذا كله إختيار مجموعة من المحققين على تحقيق هذا الكتاب النفيس، الذي يمثِّل مرحلة زمنية مهمة في تطور المذهب، والذي كان عمدة لمن جاء بعده.
وتتلخص عنايتهم بالكتاب، وخدمتهم له برسائله الأربع بما يلي: 1-قراءة الرسائل الأربع قراءة دراسة وتحقيق، مع المقابلة لها في كثير من الأحيان على النسخة الخطية الأصل، 2-إعادة النظر في ترجمة الإمام الجصاص، 3-تفصيل عبارات الكتاب التي لم يتمَّ تفقيرها، وجعلها إلى فقرات، 4-توحيد منهج تحقيق الكتاب في رسائله الأربع، وتعديل الحواشي التي عُلِّقت على النص حذفاً وإضافةً بما فيه مصلحة الكتاب، 5-حذف تراجم ما بغنى عن ترجمته في مثل هذا الكتاب الفقهي، مما يزيد في حجم الكتاب، ويضاعفه، 6-إعادة النظر في تخريج كثير من الأحاديث النبوية، وتمَّ تعديل تخريجها بما فيه مصلحة الكتاب علمياً، 7-ضبط كثيراً من الكلمات التي فات ضبطها، 8-تعديل عناوين كثيرة وُضعت للمسائل الفقهية بما تقتضيه مصلحة الكتاب علمياً، 9-ضم الكلام المتفرق في الرسائل الأربع عن وصف النسخ الخطية للكتاب في مكان واحد هو مقدمة التحقيق، مع تنسيقه وترتيبه، بعد حَصْر هذه النسخ التي اعتمدت في كل رسالة، وما ذُكر لها من رموز، 10-ترتبت فهارس موضوعات الكتاب، وتصحيح مجلدات الثمانية الكتاب الثمانية طباعياً عدة مرات.